تتبع الأخبار والحذر من أجهزة إعلام الغرب

Q الإذاعات الكافرة ووكالات الأنباء لها دور كبير في بث الإشاعات من خلال الكذب والتحليل للأحداث حسب ما يريدون, والناس الآن عاكفون على سماع الأخبار وتتبع الأحداث, أرجو توجيه المسلم كيف يكون واعياً لمكائدهم وألا يصدق كل ما يسمع، وأن يكثر من الدعاء والاستغفار؟

صلى الله عليه وسلم في نظري أن مجرد المتابعة أو سماع الأخبار إذا كان في حدود الاعتدال، فهو أمر طبيعي؛ لأن المسلمين الآن جميعهم أمام قضية تتعلق بهم قبل أن تتعلق بغيرهم, فالمشكلة التي تعانى الآن ويتكلم البشر كلهم عنها ليست مشكلة في الشرق أو الغرب أو بنما أو جواتيمالا أو غيرها, إنما هذه مشكلة في عمق بلاد العالم الإسلامي, ومن حق المسلم؛ بل ينبغي عليه أن يهتم بهذه القضية بوصفها إحدى قضايا المسلمين الحساسة والكبيرة والخطيرة؛ وليس صحيحاً أن يصبح المسلم مغفلاً، في حين أنك تجد المواطن الغربي يدري من هذه الأحداث أكثر مما تدري أنت.

فالمتابعة متى كانت معقولة ومعتدلة فهي أمر طبيعي -المتابعة بحد ذاتها-؛ لكن المشكلة أن كثيراً من الناس يتابعون بدون وعي, فهو لا يميز بين الأخبار الصادقة والأخبار الكاذبة؛ بل إن بعض المسلمين صار عندهم -مع الأسف- إحساس بأن الغرب صادق, فكثير من المسلمين يتصورون -مثلاً- إذاعة لندن ومونتكارلو وصوت أمريكا هذه إذاعات موثوقة, وبعضهم يضيف إسرائيل!! ولا شك أن هذه الإذاعات قد تأتي بقدر كبير من الحقيقة, ولكن مع ذلك من المؤكد أنه حتى الغرب والشرق الآن أصبح يصنع الأخبار بطريقة ذكية خادعة يغتر بها كثير من الناس، ولذلك عليك بالتمحيص, وألاَّ تقبل كل ما تسمع على أنه حق, وأن تضرب الكلام بعضه ببعض, فقد يكون نصف الكلام صحيحاً أو ثلثه أو ربعه أو أقل أو أكثر.

فعليك أن تكون معتدلاً فيما تسمع، ولا تغتر بمجرد أن تسمع أن هذا نشر في إذاعة لندن أو نشر في صوت أمريكا أو نشر في مونتكارلو أو غيرها.

فبعضهم إذا قلت له: هذا غير صحيح! قال: يا أخي! أنا سمعته في إذاعة لندن!! وإذا سمعته في إذاعة لندن كان ماذا؟ هؤلاء كذبة في كثير من الأحيان، لكنهم يجيدون فن الكذب والخداع والتضليل, ويسوغون الكذب بطريقة ذكية تنطلي على السذج.

فعلى الإنسان حين يتابع الأخبار أن يتابعها بعقلية المؤمن.

كذلك هناك أمر في غاية الأهمية، وإن كان يحتاج إلى جهود وإلى كلام أكثر من هذا، وهو أن يتابع الإنسان هذه الأحداث، بروح المؤمن الذي يعرف سنة الله في عباده, فلو سألت كثيراً من الناس عما يجري وماذا يتوقعون أن تؤول إليه الأمور وما هي أفضل صورة يتحقق بها نصر الإسلام؟! لوجدت أنهم يقلبون أيديهم ولا يعرفون شيئاً.

بل إن عدوهم -في كثير من الأحيان- قد التبس عليهم بصديقهم، وأصبحوا لا يميزون النافع من الضار, وهذه مشكلة، فلا بد أن يستنير الإنسان بنور الله عز وجل, ويهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون عنده معرفة بالسنن ومعرفة بأفضل وضع يمكن أن يتحقق فيه مصلحة كبيرة للإسلام والمسلمين.

ثم مع ذلك على العبد أن لا يكون اهتمامه بالقضايا المادية الدنيوية والاعتماد على القوة, يا أخي أين الدعاء؟! هل تتصور هذه الأمة الطويلة العريضة التي يقولون عن إحصائياتها، لو صدقت أنها ألف مليون مسلم! ألا يوجد فيها شخص واحد صادق؟ ألا يوجد فيها صاحب قلب حي؟ أليس فيها صاحب سر مع رب العالمين يرفع دعوة صادقة تفتح لها أبواب السماء؟! سبحان الله! ما أظن هكذا إلا أن الناس أصيبوا بالذل، ورموا بشيء من الوهن, وأصبح كثير منهم يائساً.

حتى يقول لي أحد الإخوان: أكثرنا من الدعاء، ومنذ سنين ونحن نقول: اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ولا نرى المسلمين يزدادون إلا ذلاً, فقلت له: ومع ذلك -يا أخي- علينا أن ندعو وندعو وندعو ونصدق مع الله تعالى, ونبكي بين يديه, ونجرد قلوبنا من كل مطامع الدنيا, حتى يعلم الله عز وجل أنه ليس في قلوبنا إلا حب الإسلام, وإلا الغيرة على الإسلام, وإلا التطلع لنصر الإسلام, ولا يهم الواحد منا بعد ذلك أن يكون هو نفسه وقوداً لهذا الأمر, وأن يكون على حسابه، وعلى حساب غيره أن يموت شهيداً في سبيل الله عز وجل مقابل أن ترتفع راية لا إله إلا الله, فأنعم وأكرم ويا حبذا! فمتى وجد هؤلاء وجد أصحاب القلوب الحية, المتوكلون على الله تعالى الواثقون بنصره, الذين لا يعنيهم إلا مستقبل الإسلام, فلنثق بوعد الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015