هذا الماضي! أما المستقبل وهو غيب لا شك، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن بعض هذا المستقبل, فمما أخبرنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم: المعركة الظافرة مع اليهود وهي على نهر الأردن كما حدد النبي صلى الله عليه وسلم: {على نهر الأردن أنتم شرقيه وهم غربيه حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم يا عبد الله! هذا يهودي ورائي فاقتله} ومثله: أن المسلمين يتجمعون، حين ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام على المنارة البيضاء شرقي دمشق, وكذلك يقودهم المهدي عليه السلام الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجه في أحاديث متواترة، كما حكم على ذلك جماعة من أهل العلم بالحديث؛ أن أحاديث المهدي متواترة, وكذلك أحاديث نزول عيسى عليه السلام فهي متواترة أيضاً بلا شك, والقرآن الكريم أشار إلى نزوله, ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: {أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره} أولها محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وآخرها عيسى بن مريم والمهدي عليهما السلام.
إذاً: هذه أمة خير! أولها خير وحق وعدل, وآخرها خير وحق وعدل {يأتي خليفة يحثي المال حثياً ولا يعده عداً، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً} .
ولا شك أن هذا الكلام يجب أن يفهم فهماً صحيحاً، أنا أذكر هذا الكلام لمجرد تذكير الناس بأنه لا يجوز أبداً أن نقارن في لحظة محدودة من الزمان والمكان، وننسى الماضي كله والمستقبل كله, هذا لا يجوز! وإلا: فالواقع أن الله عز وجل لم يتعبدنا أبداً بأن نقف في انتظار عيسى أو في انتظار المهدي أبداً فمتى جاءوا فكل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو من جنودهم, وتحت رايتهم, وينصرهم بنفسه، ودمه، وماله، وأهله، وما ملك.
لكن ليس هناك مسلم على ظهر الأرض مطالب بأن يجلس واضعاً خده على يده ينتظر متى ينزل عيسى أو متى يخرج المهدي! هذا أمر علمه عند الله عز وجل, فقد يخرج بعد مائة سنة أو ألف سنة أو أقل أو أكثر، هذا غيب! لا أحد يستطيع أن يتنبأ به أو يعرفه إلا الله عز وجل, فهو غيب عند الله وحده.
فمن الخطأ كل الخطأ أن يجلس المسلمون في انتظار هذا الأمر الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم! لا, بل يجب أن يقوم كل مسلم بدوره وواجبه، ويحرص على أن يكون ملتزماً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك, سائراً على طريقته, دون أن يكون منتظراً لفرج لا يستطيع أن يفعله بذاته اللهم إلا أن دور المسلم هو الدعاء الصادق.