Q ينحو بعض المصلحين والدعاة منحى التفاؤل والنظر إلى إيجابيات المجتمع في الأمة، وينحو بعضٌ آخر منهم إلى إبراز المظاهر السلبية في المجتمع، وما أكثرها! وحجة الفريق الأول أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحب الفأل، وحجة الثاني أنه يجب عدم الغفلة عن الواقع، ودس الرءوس في التراب، أرجو منكم التحدث حول هذا الموضوع؟
صلى الله عليه وسلم يقولون في المثل أنه لو وجد اثنان، ووضع أمامهم كأس فيه ماء إلى نصفه، فإن الإنسان المتفائل منهم يقول هذا الكأس نصفه ملآن، والآخر يقول: هذا الكأس نصفه فارغ، وكل واحد منهم ذكر نصف الحقيقة، فنحن نقول: المتفائلون الذين يتحدثون عن مظاهر الإيجابية ذكروا نصف الحقيقة، والمتشائمون ذكروا النصف الآخر والمعتدلون هم الذين يذكرون النصفين معاً، فلا يغفل عن المظاهر السلبية انشغالاً بالحديث عن المظاهر الإيجابية، ولكن هذا الحديث له ضوابط، الحديث عن المظاهر السلبية له ضوابط: الضابط الأول: ألا تكون الشهوة في نفس الإنسان، فإن بعض الناس يكون عنده مرض في قلبه والعياذ بالله يجعله يرتاح للحديث عن السلبيات، وإذا جلس معك قال: يا أخي في مكان كذا حدث كذا، وعلى شاطئ البحر كذا، وفي السوق رأيت كذا ويبدأ يسرد لك سلسلة طويلة عريضة، وهذا ينظر بعين سوداء، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: {من قال هلك الناس فهو أهلكهم} أي: من قال على سبيل التقنيط والتيئيس والمبالغات في ذكر المنكرات، وهذا أمر مشهود أن بعض الناس يكون عنده مرض في قلبه، بل إن بعضهم وإن كان يذكرها على سبيل الألم إلا أن في قلبه شيئاً من اللذة بها، خاصة إذا كانت منكرات أخلاقية.
الضابط الآخر: أن ذكر الإنسان لهذه السلبيات يجب أن لا يكون مع التيئيس والتقنيط بمعنى أنه يذكر السلبيات للعمل على إزالتها، لكن حين ينظر إلى المستقبل يجب أن ينظر بتفاؤل، يجب أن يكون عنده ثقة بوعد الله عز وجل، لأن هذا التفاؤل هو الحادي الذي يحدو الإنسان للعمل، فإن الإنسان إذا يئس وقنط لا يعمل شيئاً، لكن إذا كان عنده تفاؤل وطموح، وتطلع؛ فإن هذا يكون دافعاً له إلى أن يعمل الكثير.