الوقاية من المخاطر

وثالثاً: لابد من وقاية هذه الصحوة وحمايتها من المخاطر التي يمكن أن تقع فيها -والمخاطر من الطبيعي جداً أن تقع- أولاً: لأن الشيطان مسلط على بني آدم، وثانياً: لأننا نعلم أن من طبيعة النفوس أنه قد يدب إليها شيء من الضعف، الضعف قد يكون إلى إفراط وقد يكون إلى تفريط، فمن الضعف مثلاً: أن الإنسان قد يصيبه تأخر ونقص في دينه، ومن الضعف أيضاً أن الإنسان قد يصيبه زيادة وغلو وتكلف في أمور ما أنزل الله بها من سلطان، ووجود هذه القضية أمر طبيعي في أصله بمعنى أن هذا الأمر يغلب أنه لابد أن يوجد قدرٌ منه، لكن فرق بين أن يوجد قدر فيقاوم ويعالج ويعمل على تلافيه بكل وسيلة، وبين أن يوجد فلا يكون هناك من يحذر الدعاة والشباب من هذا الأمر أو يبين لهم مخاطره، وفي أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وجدنا أنه تظهر طائفة الخوارج، الذين كانوا يكفرون الناس بالمعصية، ويشددون على الناس بأمور ما أنزل الله بها من سلطان، وإلى جوارهم كان يوجد المرجئة الذين كانوا يتهاونون بالأعمال ويكتفون من الناس بمجرد النطق بالشهادتين ولو لم يكن لهم بعد ذلك عمل ولا عبادة ولا قيام بشيء من الشعائر، إضافة إلى وجود القدرية مثلاً، فوجود مثل هذه الظواهر أمر متوقع، وهذا يؤكد أهمية توجيه الصحوة وحمايتها من المخاطر التي تهددها وهي إما إلى زيادة وإما إلى نقصان وكما قيل: ولا تغل في شيءٍ من الأمر واقتصد كلا طرفي قصد الأمور ذميم وكما قيل: (الزيادة أخت النقصان) .

إن وجود الانحراف أيها الإخوة يمكن أن يحول هذه الصحوة التي يستبشر بها المسلمون بكافة مستوياتهم أو جزءاً من هذه الصحوة إلى اتجاه يكون فرصة لضرب الإسلام وأهله والوقيعة فيهم، وربما خطأ يرتكبه إنسان أو أفراد تلقى بمسئوليته على المسلمين بأكملهم أو على الدعاة والصالحين بأكملهم، وهذه مشكلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015