التفريق بين الناصح والمتربص

إن هناك من يتربص بالإسلام، ويتمنى الوقوع في الخطأ، وهناك من يضخم الخطأ ويحاول أن ينشره بكل وسيلة.

وعلى كل حال فالحديث عن هذا الموضوع أيضاً لا يخلو من حساسية؛ لأن هناك من لا يستطيع أن يفرق بين المتكلم على سبيل النصح والإرشاد والتحذير ومن يضيء الإشارات الحمراء ويقول: انتبه، إياك أن تخطئ، قد لا يفرق البعض بين هذا وبين من يشتهي الوقوع في أعراض الصالحين، هناك مع الأسف اليوم ممن ينتسبون إلى العلم والدعوة في كثير من البلاد الإسلامية من يجد لذة حين يتناول أهل الخير الملتزمين بالسنة فيسخر منهم؛ لأنهم يهتمون مثلاً في زعمه بقضية اللحية، يهتمون بقضية تقصير الثياب، يهتمون بالسنن في الصلوات، يهتمون بقضية المرأة، يهتمون بكذا وكذا، فيتناولهم بطريقة معينة ليست في الواقع طريقة تؤدي إلى الإصلاح وتعديل الخطأ، بل ربما تؤدي إلى خطأ آخر في حين أنه قد يتناول أموراً ليس فيها خطأ في الواقع، فليس من خطأ الصالحين والدعاة أن يهتموا باللحية أو يهتموا بتقصير الثياب أو يهتموا بحجاب المرأة، هذه أمور هي جزء من الدين، ونحن لا نعرف أن الدين فيه قشور يمكن أن يتخلى عنها أو تترك، الدين كله من عند الله عز وجل، ولا معنى أن نقول اهتم بالأهم واترك ما عداه، نحن لا نقول اترك قضية العقيدة واترك قضية دعوة الناس إلى أصل الدين واهتم بقضية الحجاب أو بقضية اللحية، لا، لكن نقول اهتم بهذا وهذا وهذا، فإذا تعارضت هذه الأمور فيمكن أن تقدم الأهم على المهم كما هو معروف.

فلابد من التفريق بين هؤلاء وبين هؤلاء، التفريق بين من يتحدث عن الأخطاء على سبيل التحذير منها والوقاية كما يقول الأطباء: (الوقاية خيرٌ من العلاج) والفقهاء لهم عبارة أخرى يقولون: (الدفع أسهل من الرفع) بمعنى أن دفع الأمر قبل وقوعه أهون من رفعه بعدما يقع.

فلذلك التحذير من الأخطاء قبل وقوعها أو قبل استفحالها وانتشارها في الواقع أمانة ومسئولية وضعها الله عز وجل، لا أقول فقط: في عواتق العلماء؛ بل في عاتق كل من يعلم أمراً لابد أن يتحدث عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015