أختم هذه الكلمة بذكر بعض العوامل التي تساعد الأخت التائبة على التوبة وعلى الثبات عليها: العامل الأول: قوة العزيمة؛ بحيث لا يكون الإنسان متردداً؛ يتوب اليوم ويعصي غداً، ويتوب غداً ويعصي بعد غد، بل يحاول أن يقوي عزيمته: بالاتكال على الله عز وجل، بكثرة فعل الأعمال الصالحة، بكثرة الصيام، وبغير ذلك من الوسائل التي تقوي عزيمته.
العامل الثاني: كثرة الدعاء؛ فإن الله عز وجل يقول: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} [البقرة:186] فهو قريب مجيب، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم} [غافر:60] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من لم يسأل الله يغضب عليه} فلابد من الدعاء الحار إلى الله الملك الجبار.
العامل الثالث: تجنب أسباب المعصية، فانظري أيتها الأخت! لماذا تقعين في المعصية؟ لأنك تصاحبين -مثلاً- فلانة وفلانة ممن يجرك إلى المعصية؛ لأنك تخرجين إلى السوق -مثلاً- لأنك تقتنين المجلات؛ لأنك تشاهدين المسلسلات فتجنبي أسباب المعصية، اتركي قرينات السوء، ممن يحرضك على المعصية ويدعوك إليها، واعملي بنصيحة ذلك العالم من بني إسرائيل الذي نصح التائب ألا يعود إلى قريته؛ لأنها أرض سوء وأن ينتقل إلى قرية أخرى يعبد الله عز وجل بها، فأنتِ غَيِّري البيئة، اتركي القرينات المنحرفات، وابحثي عن أخوات طيبات صالحات.
العامل الرابع: عدم القنوط: لا تقنطي من رحمة الله؛ {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] مهما بلغت معاصيك، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم: {لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون، فيغفر الله عز وجل لهم} ويقول الله عز وجل: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:70] .
فإذا تبتِ إلى الله عز وجل توبةً نصوحاً أبدلكِ الله تعالى بكل سيئة عملتها حسنات، ويوم القيامة يعرض الله عز وجل عليك سيئاتك واحدةً واحدةً، فيقول: إنها قد بُدِلت لك حسنات فافرحي أيتها الأخت التائبة بأن الله عز وجل واسع المغفرة.
العامل الخامس: أخيراً من العوامل التي تساعد على التوبة: أن تحرص الأخت المسلمة على أن تكثر من الأعمال الصالحة، ومن أعمال الخير؛ فإن كل إنسان فيه قابلية للخير؛ فتكثر من الصلاة، ومن قراءة القرآن، ومن الاستغفار، ومن الصيام، من الذكر، ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بر الوالدين، الإحسان إلى الناس، عدم ظلم الآخرين، وغير ذلك من الأمور التي يستطيعها الإنسان، والله عز وجل يقول: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود:114-115] .
والحمد لله رب العالمين.