أيتها الأخت المسلمة! للتوبة شروط ستة فاحفظيها: الشرط الأول: الإخلاص، ولذلك يقول الله عز وجل: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:8] أي: خالصة من القلب، فتلك المرأة وتلك الأخت التي تتوب توبة مؤقتة بسبب مصيبة عارضة نزلت بها، أو ظرف طارئ، أو بسبب الاستعداد للامتحانات، أو بسبب أنها بلغت سناً معيناً، وفي نيتها أن تعود إلى ما كانت عليه، هذه التوبة ليست توبة نصوحاً ولا خالصة، فلابد أن تكون التوبة نصوحاً لله عز وجل.
الشرط الثاني: الإقلاع عن المعصية، فلابد أن يقلع الإنسان عن الذنب الذي يفعله، أما من يقع في الذنب ويقول: أستغفر الله، فهو كالمستهزئ، ولذلك يقول الشاعر: أستغفرُ الله من أستغفر الله من كِلْمَةٍ قُلْتُها لم أَدْرِ معناها الذي يستغفر وهو مصر على المعصية هو كالمستهزئ بالله عز وجل، فلابد من الإقلاع عن الذنب.
الشرط الثالث: الندم على ما مضى بحيث أن الإنسان كلما تذكر ما حصل منه في الماضي، احترق قلبه ندماً وأسفاً على ما فرط وعلى ما قصر في حق الله عز وجل، وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {الندم توبة} ومن الطبيعي أن الإنسان التائب يندم على ما مضى.
الشرط الرابع: العزم على ألا يعود: أن يصمم الإنسان على ألا يرجع إلى المعاصي مرة أخرى.
الشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقت القبول، وما هو وقت القبول؟ وقت القبول هو أن يكون قبل طلوع الشمس من مغربها، وفي الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه} وفي حديث مسلم السابق: {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها} فإذا طلعت الشمس من مغربها -وهذه علامة من علامات الساعة الكبرى- فحينئذٍ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فلابد أن تكون التوبة قبل أن تطلع الشمس من مغربها، ولابد أيضاً أن تكون قبل الاحتضار والغرغرة، فإذا تاب الإنسان قبل أن تغرغر روحه في حلقه، تاب الله عليه، أما إذا احُتضِرْ ونزل به الموت، وجاءت الملائكة لقبض روحه، وغرغرت روحه للخروج، فحينئذٍ لا تنفعه التوبة؛ لأن كل إنسانٍ قد يتوب حينئذٍ، ولذلك في الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر الذي رواه الترمذي، وهو صحيح: {إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر} ويقول الله عز وجل: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء:17] {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء:18] فهذا لا تنفعه التوبة إذا حضره الموت وغرغرت روحه قال: إني تبت الآن.
الشرط السادس: إن كانت المعصية إساءة للآخرين، سواء بانتهاك أعراضهم، أو الكلام فيهم، أو أخذ أموالهم، أو ظلمهم، أو تنقصهم، فيجب أن يستسمح التائب ممن أساء إليه أو يرد الحق إليه ما استطاع.