السؤال الثاني: ذكرت الاعتزال في الفتنة، وفسرت ذلك بالاعتزال في فتنة القتل، أو القتال، فما حكم الاعتزال في الفتن الأخرى، كفتنة النساء وغيرها؟
صلى الله عليه وسلم أما لفظ الفتنة الذي يتداوله العلماء في هذا الباب والذي وردت به كثير من الأحاديث، فهو غالباً يطلق على القتال بين المسلمين، كما هو ظاهر من حديث ابن مسعود الذي ذكرته، ومن أحاديث كثيرة في هذا الباب، وهكذا فسره العلماء كالحافظ ابن حجر، وغيره، أما غير ذلك من الفتن والتي وردت، وورد تسميتها بالفتن في بعض الأحاديث فإن هذا خاضع للقاعدة العامة، فمثلاً فتنة النساء فتنة قديمة، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر من فتنة النساء في زمنه، وقالت عائشة كما في صحيح البخاري: {لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل} فالأمر ليس جديداً؛ لكن عليك أن تعتزل المواطن التي توجد فيها هذه الفتنة، كالأسواق وغيرها، إلا أن تكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، فإذا كنت آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، وتجد من نفسك نوعاً من القوة والتحمل، فعليك أن تقوم بهذا، أما إذا كنت تعرف من نفسك أيضاً ضعف، وتشعر بنفسك بميل نحو المعاصي والفواحش ميلاً يكاد يوصلك إلى الوقوع فيها، والانهماك، أو مقارفة بعض المعاصي، فعلى الإنسان حينئذ أن يبتعد إيثاراً لسلامته الشخصية.