الحروب بالآلات الحديثة في السنة

السؤال يقول: هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة الحروب المعاصرة وما فيها من الآلات الحديثة, والدبابات, والطائرات, وغيرها, أم ذكر السيوف والخيول تكفي, وهل يمكن قياس ذلك بذلك، أم أن هذه الآلات سوف تندثر وتعود الآلات القديمة؟

صلى الله عليه وسلم أقول جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث فيها ذكر الخيول والسيوف وغيرها, وهذه الأحاديث يمكن أن تحمل على أحد محملين: - إما أن يكون المقصود بالسيوف والخيول وغيرها, تعبير نبوي من النبي صلى الله عليه وسلم عن الآلات الحديثة, عبر بالأشياء التي كان الناس يفهمونها في عصره ووقته عليه الصلاة والسلام, ولو قال لهم صلى الله عليه وسلم الطائرة, والدبابة, والمدفعية, والصاروخ لكان مُلغزاً في ذلك, وكان الناس الذين حوله لا يفهمون ما قال, وقد بعث صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين, وكان الناس الذين حوله يفهمون عنه ما يقول, ثم يبلغونه إلى من بعدهم, ولم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم أن يأتي للناس بألفاظ وعبارات لا يفهمون معانيها, وإنما يفهمها من بعدهم هذا احتمال.

- والاحتمال الثاني أن يكون ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى أن الحضارة الحديثة سوف تندثر, وتنهار, ويعود الناس إلى السلاح القديم, أو ما يسمونه بالسلاح الأبيض: السيف والسكين, والخنجر, وغيرها, هذا محتمل والخيول, ولذلك جاء في أحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الذين يفتحون القسطنطينية, وأنهم يعلقون سيوفهم بشجر الزيتون, هذا في صحيح مسلم، وذكر الخيول حين تغدر الروم بالمسلمين فيقاتلونهم ويرفع رجل من أهل الروم الصليب فيقول: غلب الصليب, فيقوم إليهم المسلمون ويقاتلونهم.

وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أسمائهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم, ذكر أنهم فرسان يركبون على الخيول, فيحتمل أن يكون المقصود الخيول الحقيقة, ويكون هذا إشارة إلى أن الحضارة الحديثة سوف تندثر وتنهار, وهذا محتمل جداً متى يحدث بعد مائة سنة أو أكثر, هذا غيب من غيب الله لا يعلمه إلا الله.

لكن حتى الدراسات الحديثة تتوقع أن يكون هناك أحداث وأوضاع وحروب طاحنة, تدمر الحضارة البشرية الموجودة اليوم, وتبدأ الحياة البشرية بداية جديدة.

أقول تعقيباً على ذلك: لا ينبغي للمسلمين أن يتعلقوا بمثل هذه الأمور, وإن كنا نقول أنها محتملة جداً, لكن ينبغي ألا نتعلق بها؛ لأنها متى تحصل هذه، أبعد مائة سنة, بعد مائتين بعد أكثر بعد أقل؟ الله أعلم.

فهل صحيح أننا نحن المسلمين سوف ننتظر انهيار الحضارة الغربية, وانهيار التقدم المادي المعاصر, وبداية الحياة من جديد حتى نرفع ديننا وندعو إليه, هل هذا يليق, أو يجوز, أو يسوغ؟! كلا, بل يجب على المسلم أن يسعى إلى نصر دينه, ورفع راية لا إله إلا الله بالوسائل الموجودة، والإسلام يمكن أن يحكم في كل عصر, وفي كل بيئة, حتى في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي والمادي والحضاري, يمكن أن يحكم الإسلام ويهيمن, لكن بشرط أن يوجد الرجال الذين هضموا العلم المادي البشري, وفي نفس الوقت هضموا العلم الشرعي, أو أخضعوا العلم المادي البشري للشرع, وهذا الذي ننتظره من شباب المسلمين.

الآن المسلمون في الواقع في ذيل القافلة, وإذا كنا نمني أنفسنا بالأماني, ونقول: الآن انهارت الشيوعية, ونحن في انتظار انهيار أمريكا الوجه الغربي الآخر للحضارة المادية, نقول: نحن في انتظار انهيار الحضارة الغربية صحيح, والدراسات الغربية الأمريكية -وقد اطلعت على شيئ منها- تتوقع بأن هناك أزمات خانقة عاصفة سوف تهدد أمريكا, وسوف تنذر بفنائها وانهيارها, لكن السؤال الذي أطرحه عليكم: افترضوا أن أمريكا انهارت اليوم وليس غداً, هل عندنا نحن المسلمين الآن القوة والاستعداد والوسائل التي تجعلنا نطمئن إلى أننا سوف نقود البشرية إلى الإسلام، وإلى كلمة الله جل وعلا؟ في الواقع نحن أقل من ذلك بكثير, نحن ضعفاء الإيمان, ثقتنا بديننا ضعيفة, علمنا ضعيف, قدرتنا على قيادة البشرية ضعيفة.

بيننا نحن المسلمين الآن من المشكلات, والأزمات, والخلافات, والاهتمامات الجانبية, وضعف التفكير, قدر كبير يحتاج إلى أن ننفض هذه الأشياء عنا, ونبدأ حياة صحيحة, وحينئذٍ فإنه لا يهمنا أن يواجهنا تحديات كبيرة من أمريكا, ومن روسيا, ومن اليهود, ومن غيرهم, فإنه من كان الله تبارك وتعالى معه، فإنه لا يمكن أن يقف في وجهه أي قوة مهما كانت, {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31] فلو كنا مسلمين حقاً سواءً بتمسكنا بشرعنا, أو ثقتنا بالله عز وجل وتوكلنا عليه, أو في تحقيقنا لوسائل النصر المطلوبة والتي منها الحصول على التقنية, والحصول على السلاح, والحصول على الصناعة, ووحدة الكلمة, والله لا يمكن أن تقف في وجهنا أي قوة مهما كانت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015