رابعاً: التخلف في الإعداد، وهذا من أعظم الذنوب والمعاصي، على الأفراد والجماعات والأمم، النقص في الإعداد العلمي والتقني، والله تعالى يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} [الجاثية:13] .
ويأمر بالنظر في ملكوت السماوات والأرض، والسير في الأرض، والاعتبار بالآيات في النفس، وفي الكون، وفي هذا دعوة إلى التعلم والتعليم والتأمل، وأول آية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1] فهذا المسلم الذي دعي إلى النظر في الملكوت والتأمل في جميل صنع الله تعالى وإبداعه في الأرض، وفي الكون وفي النفس، لم يستعد ولا يزال متخلفاً في المجال العلمي، والتقني، وبالأمس كان المسلمون يملكون ناصية العلم، والحضارة، واليوم أصبحوا عاجزين حتى عن مجرد الاستفادة من إنتاج العلم والحضارة، وهم سوق غير جيدة لمنتجات الغرب.
أحياناً: قد يشتري المسلمون مصنعاً بأكمله، بل وعماله معه أيضاً، وقد يقوم المسلمون ببناء مؤسسات، وشركات، وقواعد، ومراكز، كلها غربية من الألف إلى الياء، ويحصل في ذلك نصب، واحتيال، وخداع، وتضليل، وألاعيب، تبدأ من عند السمسار الذي يأخذ الأموال، إلى البائع، إلى ما يعلم الله تبارك وتعالى به، وفي ذلك خطورة كبيرة تكلم عنها مجموعة من الخبراء في ندوة بعنوان: هل انتقلت التقنية إلى العالم الإسلامي؟ ومن الذنوب والمعاصي والتخلف في الإعداد، أيضاً: التخلف العسكري، والتخلف العسكري أمر واضح، سواءً في المجال الفردي، أو في مجال التسليح، والغرب يفرض حصاراً على ألوان الأسلحة إلى العالم الإسلامي بالذات، وهذا نموذج للرغبة في بقاء المسلمين محتاجين، ومهددين من قبل عدوهم، وليس سراً أن أمريكا قد التزمت لإسرائيل ضمن محادثات السلام القائمة اليوم، أن تظل إسرائيل متفوقة عسكرياً على الأمة الإسلامية والعربية، مجتمعة وذلك لضمان سلامة إسرائيل وأمنها، مع أن أحد الخبراء الألمان يقول: هذا أمر عجيب!! لأنه إذا كان مطلوباً أن لا تقوم حرب في الشرق الأوسط، فيجب على الغرب أن يزود العرب بقنبلة نووية أيضاً، حتى يكون هناك نوع من التكافؤ النووي، أو ما يسمى بالردع الذي يضمن ألا تعتدي إسرائيل أو تقوم باستخدام هذا السلاح، لأن الطرف الآخر لا يملكه.
وعلى كل حال فليست مشكلة المسلمين من الناحية العلمية، أو من ناحية السلاح أو غيره ليست مشكلتهم التسليح فقط بل إن كل التيسيرات المادية التي تمكن الإنسان من قضاء حاجاته الدينية والدنيوية بيسر وسهوله، وتسهل له القيام بأعماله بأقل قدر من الوقت، وأقل قدر من الجهد، وأقل قدر من المال، هي مما كان يجب أن يسعى إليه المسلم؛ فالمسلم كان ينبغي أن يسبق الغرب -مثلاً- في اختراع المكيف، واختراع مكبر الصوت، واختراع السيارة، واختراع الهاتف، واختراع الفاكس، واختراع ألوان التيسيرات المادية والعلمية، التي تخدم الإنسان وتحفظ عليه وقته وجهده وماله، ولكن المسلمين آثمون وعصاة، لأنهم قصروا في ذلك كله، وأخص القادرين على ذلك.