وبعضهم قد يغريه الشيطان في الوقيعة بأهل العلم أو الرد عليهم, وهو يريد بذلك أن يبرز ويتسلق على أكتافهم, ليقال: رد على فلان، وأفحم علاناً، وناظر فلاناً فقطعه بالحجة وغلبه، أو ربما يسقطهم ليتميز هو، وربما تصنّع الدعاء لهم ليظهر الحدب والحرص عليهم، وهو يقول: فلان غفر الله لنا وله قال كذا وفعل كذا، وفلان نعوذ بالله من الخذلان، وقع في مثل هذا, وربما سمع أحداً يقرر مسألة علمية عويصة صعبة, لا يقدر هو عليها؛ فيقلده في رأيه في هذه المسألة، ثم لا يكتفي بمجرد التقليد حتى يتحمس لهذه المسألة، وينبري يرد على الخصوم بأبشع العبارات، وأقذع الألقاب والصفات والكلمات، وربما أبدى بعض الشفقة وبعض الرحمة فقال: مسكين فلان ابتلي بكذا, نعوذ بالله من الخذلان, وقال كذا، ووقع في كذا، وزل في كذا, وربما أظهر شيئاً من الإعراض، فإذا ذكر عنده هذا الإنسان أعرض عنه, أو قال: دعوه يستر الله علينا وعليه، أو اتركوه لا شأن لنا به, أو دعونا من الغيبة, وإنما مراده الغيبة وتنقص هذا الإنسان، لكن بطريقة ذكية لا يدركها إلا أرباب الفطنة.