ومن ذلك: أن الإنسان قد يرفع نفسه فوق منزلته, فيعتني -مثلاً- بباب من أبواب العلم، ويخوض في دقائقه ومسائله ويراجعه, ويحفظ فيه بعض النصوص، وبعض الأقوال, وبعض الكتب, فإذا وجد المجلس كبيراً تكلم، وقال: قال فلان وقال فلان، وفي كتاب كذا, وفي صفحة كذا، وفي جزء كذا ويبدأ يسرد بعض الأشياء التي تحفّظها, وما مراده إلا أن يقول للناس: إنه عالم ليشار إليه بالبنان، ثم يتكلم بما لا يعرفه من حوله من هذه الأمور، وربما تشدق ببعض العبارات التي لا تصلح إلا لأهل العلم, فربما قال: أنا أرى كذا وكذا وعندي أن الأمر كيت وكيت، وأنا أقول هكذا، والذي يغلب على ظني، والذي يظهر لي، والذي يخطر ببالي، وقلت, وما أشبه ذلك من العبارات التي هي شأن أهل العلم والتحقيق والنظر, وليست شأن الضعفاء والمبتدئين، ولهذا قال أحدهم: يقولون هذا عندنا غير جائز ومن أنتم حتى يكون لكم عند والعالم الحق لا ينظر إلى نفسه ولا يأبه بها.