أهمية العناية بصلاح القلب

إن ذلك كله يؤكد حقيقةٌ عظمى يجب العناية بها, وهي: أن صلاح القلب وسلامة المقاصد الباطنة، هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه كل الأعمال، فإذا فسد القلب لم ينفع معه عمل، لأنه حينئذٍ تفسد النية، ويفسد القصد، وينحرف الإنسان، فالقلب حاسب على الأعمال الظاهرة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في المتفق عليه: {إنما الأعمال بالنيات -كل الأعمال، أعمال العين والأذن واليد والرجل والبدن كلها بالنيات- وإنما لكل امرئ ما نوى} ولا يدخل في ذلك أعمال القلب, لأن أعمال القلب لا تكون إلا صالحة إذا كانت موجهه إلى الله تعالى, فلا يمكن أن يحب الإنسان ربه إلا بصدق, أو يخافه أو يرجوه، ولذلك الكلام في الأعمال الظاهرة؛ لأن العبد قد يصلي لله وقد يصلي لغيره, أما محبة الله -مثلاً- فلا تتصور على حقيقتها إلا لوجهه سبحانه وتعالى, وربما صلحت سريرة الإنسان فحصل على الثواب، حتى ولو حيل بينه وبين العمل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح عندما ذهب إلى تبوك, جاء إلى هذا البلد الكريم، وفي ثلة من أصحابه, فقال عليه الصلاة والسلام: {إن في المدينة أقواماً، ما سرتم مسيراً, ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر} .

يا سائرين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً إنا أقمنا على عذرٍ نكابده ومن أقام على عذرٍ كمن راحا وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدخل الجنة أقوام لم يعملوا خيراً قط؛ حيل بينهم وبين ذلك, أسلم ولم يسجد لله سجدة, ثم قتل بعد ذلك فدخل الجنة, وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول لأصحابه: [[خبروني عن رجل دخل الجنة لم يسجد لله سجدة، فإذا عجزوا قال لهم: إنه أصيرم بن عبد الأشهل أو غيره، أسلم ثم قتل قبل أن يصلي لله صلاة واحدة]] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015