صلاح القلب

ولما جعل الله تعالى النجاة في الآخرة, بيّن أنها مقرونة ومعلقة على صلاح القلب، فقال: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88-89] فمن أتى الله بقلب سليم نفعه ما له, ونفعه بنوه, ونفعه عمله, ونفعته جوارحه, أما من أتى الله تعالى بقلب ميت أو مريض، فإنه لا ينفعه ذلك: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:88-89] .

واعتبر الله تعالى أن من لا يعمر قلبه بالمشاعر النبيلة من محبة الله, ومحبة الصالحين, ومحبة الخير, والخوف من الله تعالى ورجائه، وهذه المعاني الكبيرة العظيمة في القلوب؛ أن من خلا قلبه من ذلك فهو ميت, وإن شئت قلت: لا قلب له، فالمضغة موجودة لكنها خالية خاوية، قال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ} [فاطر:22] أي: المؤمن والكافر والعاصي والمتقي، وقال سبحانه: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام:122] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {مثل البيت الذي يقرأ فيه القرآن والذي لا يقرأ فيه القرآن مثل الحي والميت} {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق:37] فما الحيلة في من لا قلب له؟ وما الحيلة في من ليست عنده مشاعر؟ فهو لا يشعر بحب الله تعالى ولا بحب الصالحين، ولا يخاف الله ولا يرجوه، ولا يطمع فيما عنده, ولا يسأله أو يدعوه دعاء المخبت الأواه المنيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015