سلبيات استخدام المرأة للهاتف

أ/ أولاً: الخضوع بالقول: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] هذا الأدب من الله تعالى لـ عائشة، وخديجة، وزينب، وسودة، وأمهات المؤمنين، فما بالك بالناس في هذا الزمان، وقد كثرت الفتن، والمغريات، وارتفع أجيج الشهوات، وضعفت النفوس، وتسلط الشيطان، ومع ذلك يكون الخضوع بالقول سرّاً وعلانية!! ب/ ثانياً: العشق؛ وقديماً كان بشار يقول: يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً وهو في الواقع عشق مزيف الخاسرة الكبرى فيه هي البنت، ولهذا يقول أحد الأدباء، واسمه فاروق جويدة عن الحب عن طريق الهاتف، يقول -ومن فمهم ندينهم-: إنه حب بارد، حتى لو وصفه الخط التليفوني في وقتها بأنه ساخن جدّاً! ومن الطرائف: أن إحداهن اتصلت، وكان صوتها عذباً رقيقاً؛ فاتصلت برجل وتحدثت معه طويلاً، ثم واعدها مكاناً قصيا، ولما اقترب منها على سيارته، رأى منها ما يكره، فمضى لحاله وهو يولول وتركها، حتى طال انتظارها؛ فانصرفت فالخاسر الأكبر هي المرأة، ثم الأسرة التي قد تجرها هذه الأمور، إلى فضيحة لا يعلم مداها إلا الله عز وجل.

ج/ ثالثاً: التدرج في المعصية: قال ربنا جل وعلا: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور:21] فهي خطوة تجر إلى خطوات، والذي وضع قدمه في بداية الطريق السيء، لا يلومن إلا نفسه إذا مشى في هذا الطريق، دون أن يملك التوقف فيه! نظرة، فابتسامة، فسلام، فكلام، فموعد، فلقاء! مكالمة بعد ذلك تعطيه رقم هاتفها، ثم تواعده ليراها، ثم يخلو بها ثم {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} فما ظنك باثنين إبليس ثالثهما، ماذا يمكن أن يصنع رجل وامرأة؟! حقيقة لا أعرف -أنا- كيف أتصور فتاة تلتقي بفتى مراهقين خاليين، وفيهما الغريزة الفطرية التي ركبها الله تعالى في بني آدم كلهم كافة، لا أعرف كيف أتصور ألا يفكر أحدهما في الآخر؟ فهو يتصورها في أجمل هيئة، وأفضح وضع، ويتصور نفسه إلى جوارها، وهي الأخرى كذلك، شاءا أم أبيا، وشاء أولياء الأمور أم أبوا.

كثيرون هم الذين وقعوا في الفاحشة الكبرى، ولم يكونوا يخططون لذلك في البداية، خاصة من الفتيات، بل الذي يضع قدمه في أول الطريق؛ يجره إلى النهاية، والله تعالى يقول: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32] .

فنهى عن قربان الزنا، وقربانه: كل وسيلة تؤدي إليه فالآية: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء:32] نهي عن النظرة إلى الرجل، ونهي الرجل عن النظرة إلى المرأة الحرام، ونهي عن المحادثة الحرام، ونهي عن الخلوة، ونهي عن الضمة، ونهي عن القبلة، ونهي عن الضحكة التي تغري أحدهما بالآخر، كل ذلك ذرائع وبريد، والله تعالى يقول: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء:32] وفي صحيح البخاري من حديث سمرة في قصة رؤياه الطويلة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بشيء مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، وفيه نيران، ورجال، ونساء فإذا ارتفع بهم اللهب صرخوا وضوضوا، فإذا انخفض لم يسمع صراخهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {من هؤلاء يا جبريل؟ فقال له: هؤلاء الزناة والزواني} نسأل الله تعالى العفو والعافية.

الزنا -أيها الإخوة والأخوات-: سبب لكل مصيبة وباختصار: الهم، والفقر، وأولاد الحرام، وفقدان الحياء، وقلة الخوف من الله، والفضيحة، وعقوق الأولاد، وبغض الله -تعالى- للعبد، وبغض الناس له، وتكدير العيش، وحرمان البركة، وسوء الخاتمة، وفقدان لذة العبادة، وحب الدنيا، وشدة الخوف والجبن، وسوء الظن، وكل بلاء في الدنيا وفي الآخرة.

وربما جر إلى تعاطي المخدرات أيضاً، بدءاً بالتدخين، وانتهاءً بالمخدرات الأخرى -أعني: الهاتف- التي تجعل متعاطيها ديوثاً ليس فيه قطرة من الغيرة، لا على نفسه ولا على محارمه، وربما قدَّم مدمن مخدرات بنته ضحية لزملائه؛ مقابل الحصول على هذه الأقراص، وفي ذلك قصص وأخبار.

د/ رابعاً: ضياع الوقت: الذي هو رأس المال، وبه يحاسب الإنسان، وعليه يعاقب، والله تعالى يقول في محكم تنزيله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر:36] فاسمع ماذا يأتيهم الجواب من الرحيم الحليم اللطيف الخبير البر الجواد المتفضل المنعم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر:37] نعمركم أي: نعطيكم أعماراً، ونعطيكم أياماً، وليالي، ونعطيكم ساعات، ودقائق، وسنوات، بل وجاءكم النذير، فكثيرٌ منكم وصلوا إلى حد المشيب، وبعث إليهم الرسل، ومع ذلك هم مصرون على ما هم عليه.

فبالعمر يعاقب الإنسان أو يثاب، وعليه يجازى في دار المآب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن، عن ابن مسعود، وأبي الدرداء وغيرهم: {لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع منها: عن عمره فيما أفناه، ومنها: عن شبابه فيما أبلاه} فالإنسان يسأل عن الشباب خاصة مرتين: مرة باعتباره جزءاً من العمر، ومرة يسأل عنه سؤالاً خاصاً؛ لأهمية هذه المرحلة وخطورتها ولهذا يقول شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي رحمه الله يقول: "الوقت سريع التقضي، أَبِيُّ التأتي، بطيُّ الرجوع".

والوقت أعظم ما عُنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع من العجيب أيها الأحبة: أن الكثيرين سُرُّوا حينما أُلغيت الرسوم على المكالمات الداخلية للهاتف! وهذا أمر لا يعاتبون عليه، لما فيه من توفير المال الذي يحتاجون إليه؛ لكنني أتعجب أكثر!! هؤلاء الذين ضاعفوا من مكالماتهم باعتبار أنها بلا رسوم، ألم يدركوا أن ذلك أحدث عندهم أثراً سلبيّاً؟ وأنه جعلهم يخسرون ما هو أثمن من المال، وأثمن من الرسوم ألا وهو الوقت؟ فأصبحت الفتاة مثلاً تجلس - أو الفتى - أربع ساعات على الهاتف، في مكالمة لبنت الجيران، أو لفلانة لماذا؟ قالت: ما في رسوم -نعم هناك شيء آخر، رسوم من نوع آخر- رسوم ملزمة للإنسان بمقتضى النص الذي يقول: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق:4] ورسوم بمقتضى النص الآخر، الذي يقول: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] فيتخلل الكلام من ذلك الشيء الكثير الذي يعاقب عليه الإنسان، ولذلك -أحياناً- تجد الموظف مثلاً في مكتبه يتصل طويلاً، وربما قضى جزءاً كبيراً من وقته الرسمي في مكالمة لفلان أو لعلَّان، وينسى أن هذا الوقت ليس ملكاً له، بل ملك للناس ملك للمراجعين الذين ينتظرون أن يقوم بالإنجاز، وإذا انشغل بذلك؛ فلابد أنه سوف يكون ناقصاً نقصاً كثيراً بيناً في الإنتاجية، والعطاء؛ الذي ينتظره منه مجتمعه.

هـ/ خامساً: كثرة الكلام في هذا الهاتف وما يعتاد عليه الإنسان من ذلك، والكلام -كما أسلفت- محسوب، ويتخلل الكلام القيل والقال، والغيبة والنميمة، والكذب، والتصنع فيتظاهر الفتى للفتاة -مثلاً- بشيء آخر، وتتظاهر هي له بغير حقيقتها والغش والغزل وكم سينطق الهاتف لو استشهدته، ينطق بعبارات الغرام، وعبارات الغزل، والقصائد، قصائد الحب وغير ذلك؛ بل قد يتطور الأمر أحياناً إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير.

أقول: في بلاد الغرب تمارس الرذيلة -أحياناً- من خلال الهاتف، حيث يتصل الفتى فتصف له الفتاة حالها، ولباسها وهيئتها وشكلها ووضعها إلى آخره.

ويؤسفني أن أقول في قناة ليست في بلاد الغرب، بل في بلاد الشرق، بل في مهبط الوحي، في القناة الثانية وقبل فترة، كان هناك لقطة نقلت عبر الشاشة، من اختيار أحد المستمعين أو المشاهدين، تصور المشهد الذي ذكرته لكم قبل قليل، لكن في صورة أخرى فقد برز على الشاشة طفلان، بنت وولد في المهد، وكل واحد في جواره سماعة، وهم يتبادلون الحديث، إشارة إلى تلك الطريقة الموجودة في الغرب، ومكتوب على الشاشة ممنوع الاتصال لأقل من ثمانية عشر شهراً، إشارة إلى أنهم في بلاد الغرب، يمنعون أن يمارس الفساد عن طريق الهاتف، من كان أحياناً أقل من ثمان عشرة سنة.

و/ سادساً: ضياع الشخصية: فلا عمل، ولا إنتاج، ولا خدمة في البيت، ولا دراسة، ولا حل واجب، ولا قراءة مفيدة، ولا سماع شريط نافع، بل الهم الوحيد هو الجلوس إلى الهاتف، ومحادثة فلان وفلان، فيوجد ذلك من التزهد، وضعف الهمة، والاسترخاء، ما يجعل هناك جيلاً من الأولاد والبنات، لا يحب الواحد منهم أن يصنع أي شيء، لأن بضاعته تبدأ وتنتهي بالكلام، والكلام ليس أي كلام، فمن الكلام ما ينفع فمن الكلام ما يدخل الجنة، كذكر الله تعالى وقراءة القرآن؛ ولكن المؤسف أنه كلام يضر ولا ينفع، فيشترون ما يضرهم ولا ينفعهم.

ز/ سابعاً: الانشغال عن طاعة الله: وأضرب لكَ ولكِ مثلاً واحداً: ألا وهو (المكالمات الليلية) ، التي تبدأ غالباً بعد الساعة الثانية عشر ليلاً، وقت نزول الرب-جل وعلا- إلى سماء الدنيا، كما في الصحيحين وغيرهما، بل هو حديث متواتر حيث يقول سبحانه: {يا عبادي! هل من سائل فأعطيه سُؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ وذلك حتى ينفجر الفجر} على حين أن هذا الفتى وتلك الفتاة، غارقان في مكالمة هاتفية تضرهم ولا تنفعهم، وتبعدهم عن ربهم جل وعلا.

ح/ ثامناً: العزوف عن الزواج: فطالما تأخرت الفتاة عن الزواج، في انتظار فارس الأحلام، الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015