استفادة المرأة مما أتيح للرجل

إذاً، في ذلك المجتمع، وهو المجتمع القدوة أتيح للرجل فيه من وسائل التعلم، والاتصال، والفهم، وسماع الوحي ما لم يتح للمرأة، ولذلك كلف هو من المسئوليات ما لم تكلف به المرأة، وكان من أعظم مسئوليات الرجل أن ينقل ما يسمعه إلى بيته، وإلى زوجته، وإلى أمه، وإلى أخته، وإلى قريبته، حتى يكون وسيطاً، في نقل العلم الشرعي ونقل الوحي الذي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه قضية واضحة ولا ينبغي أن تكون محل جدل أو خلاف، وهذا -أيضاً- موجود الآن، وأعتقد أنها ستظل موجودة إلى الأبد؛ أنه يتاح للرجل من فرص التعلم ما لا يتاح للمرأة، ليس فقط في العلم الشرعي بل حتى في العلوم الدنيوية.

خذي مثالاً قضية الطب: هل الفتاة التي تدرس في كلية الطب تتمكن من وسائل التعلم والاتصال والمعرفة مثل ما يتمكن الرجل؟ قطعا لا، وهذا أمر مشاهد ويعرفه الذين يعانونه.

فالمرأة لا تستطيع أن تسافر كما يسافر الرجل، ولا تحضر كما يحضر الرجل، ولا تطّلع كما يطّلع، ولذلك مهما بذلت من الجهد فإنها تظل في حالات كثيرة محتاجة إلى مساعدة الرجل لها، زوجها، أخيها، قريبها؛ بل وحتى محتاجة إلى النشاطات الأخرى التي لا تختص بالمرأة -كما أسلفت-.

إذاً، ليس من تكريم المرأة ولا من رفع قدرها أن نقول: لا بد أن يوجد -مثلاً- للمرأة مفتيات خاصات لا تقبل المرأة الفتوى والعلم الشرعي إلا عن طريقهن، هذا ليس واجباً ولا داعي -أصلاً- لإيجاد هذه الحواجز النفسية بين الرجل والمرأة، فالمرأة في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تأتي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وتسأله في أمورها العامة والخاصة، وترى أن هذا هو السبيل الصحيح، بل إنني أقول: إن الله تعالى لم يبعث من رسله وأنبيائه إلا الرجال قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً} [الأنبياء:7] وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء وإن كان هناك من يقول إن هناك نبيات من النساء كما قال بعضهم في مريم أو غير ذلك كما ذهب إليه ابن حزم، ولكن جمهور العلماء على أن الأنبياء كانوا رجالاً لقول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء:7] .

وهذا على أي حال يؤكد المعنى الذي أريد أن أطرق وأدور حوله، وهو أن المرأة ينبغي أن تستفيد مما وهب الله تعالى الرجال من العلم الشرعي، من الفتوى، من الحديث، من القدرات، وهذا ليس تقليلاً من شأنها أو حطاً من قدرها، بل على النقيض من ذلك هذا رفع لشأنها باعتبار أن المجتمع المسلم مجتمع واحد متكامل يقوم الرجل فيه بإمكانياته ومهماته، وتقوم المرأة بإمكانيتها ومهماتها، وليس من حق الرجل أن يمارس الدور الذي وكل إلى المرأة ولا المرأة أن تمارس الدور الذي وكل إلى الرجل، لكن هناك مهمات مشتركة تستفيد المرأة فيها من الرجل ويستفيد الرجل فيها من المرأة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015