حسن الخلق والدفع بالتي هي أحسن

قال الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:35] فكن من الذين صبروا، ومن أهل الحظ العظيم بحسن الخلق والدفع بالتي هي أحسن.

إن الكثيرين من أهل الخصومات والعداوات والمواقف، ربما انطلقوا في البداية من تصرفٍ قاسٍ، أو كلمة شديدة من فلانٍ أو علان، فكرهوه وأبغضوه، ثم بدأ هذا البغض وهذه الكراهية تتحول أو تتفلسف في مواقف فكرية، ومخالفاتٍ منهجية وغير ذلك، فبعضهم إذا رآك فهششت له وبششت وتلطفت واستخدمت معه الواجب الشرعي في حسن الخلق، استخرجت ما في قلبه، وقلمت أظفار ضغنه كما قال الشاعر: وذي رحمٍ قلمت أظفار ضغنه بحلمي عنه وهو ليس له حلم فلا بد أن تطيع الله تعالى في هؤلاء، قال الله -تعالى- لرسوله صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أنقذهم الله تعالى به من النار، وهداهم به من الضلال، وبصرهم به من العمى، وجمعهم به بعد الفرقة، ومع ذلك قال: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] أي: قاسي الخُلق، سيء المعاملة؛ لانفضوا من حولك وتركوك، فما بالك بغيره من الناس، حتى ولو كانوا دعاةً، ومصلحين، وعلماء، وطلبة علم، وقادة وغير ذلك، لو كانوا أصحاب غِلظة في المعاملة، وقسوة في الأقوال والأفعال؛ لانفض الناس من حولهم، فلنعمل على جمع كلمة المسلمين وتأليف قلوبهم، بحسن الخلق والتلطف، والدفع بالتي هي أحسن، ومن عصى الله تعالى فيك فإياك أن تعصي الله تعالى فيه، بل قل: لا أجد فيمن عصى الله تعالى فيَّ إلا أن أطيع الله تعالى فيه، فإن أساء الظن بي أحسنت به الظن، وإن جهل عليَّ حلمت عليه، وإن ظلمني عدلت معه، وإن هجرني سلمت عليه، وابتسمت في وجهه: وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلفٌ جدا فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا ولا أحمل الحقد القديم عليهمُ وليس زعيم القوم من يحمل الحقدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015