الكثيرون قد يعترفون بالإنجازات على سبيل التمهيد لما بعدها، فمثلاً دعني أقول لك: إنني حين آتي لأنتقدك، أقول: صحيح أنك طالب علم وأنك عالم، ومن الواضح أنني حين أقول هذا الكلام، أمهد به لأقول لك: ولكن ثم أبدأ بعد ذلك وأقلب عليك أو أقلب لك ظهر المجن، فأصبح واضحاً أن تلك المقدمة المختصرة التي اعترفت لك فيها ببعض الأشياء، لم تكن أكثر من مدخل لأقول لك بعد ذلك ولكن، ثم أنثني عليك فلا أدع لك حسنةً إلا أتيت عليها، مثل إنسان يقول: صحيح أنَّ فلاناً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيم الصلاة، ولكن شهادته أن لا إله إلا الله، لا تتعدى أنه يؤمن بربوبية الله ولا يؤمن بألوهيته، وشهادته أن محمداً رسول الله لم يتبعها عملٌ ولا تطبيق، وإقامته للصلاة هي من باب الرياء والنفاق، فلو كان ما يقوله هذا الإنسان عن ذاك صحيحاً لما كان لشهادته معنى، لأن شهادة أن لا إله إلا الله لا تعني الاعتراف بربوبية الله -تعالى- فحسب، فهذا الأمر يعترف به حتى المشركون، وإنما تعني الاعتراف بالربوبية أولاً، وتعني الاعتراف بالألوهية ثانياً، وأن الله وحده هو المستحق للعبادة دون غيره، ثم تعني -أيضاً- الاعتراف لله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله.
فينبغي أن أعترف بإنجازات الآخرين، أفراداً كانوا أو جماعات أو أمماً أو طوائف، أعترف بإنجازاتهم أصالةً، وأتحدث عنها بشيءٍ من التفصيل والإفاضة والصدق والموضوعية، ويكون القصد من هذا الحديث من باب معرفة الخير لأهله، ومن باب إزالة الشكوك والظنون والأوهام، ومن باب تأليف القلوب، ومن باب تربية النفوس على معرفة الحق والثناء على أهله، ومن باب العرفان بفضائل أهل الفضائل، وهذا من الدين ومن المروءة.
فلا بد من الاعتراف بإنجازات فلان، وإنجازات الفئة أو الطائفة الفلانية.