لا تجعل من الأشخاص أو الجماعات أوالمصطلحات، منطلقاً للحديث والدعوة

فليذهب الأشخاص أياً كانوا، ولتذهب الرايات واللافتات والأسماء، وليبق دين الله وشريعته، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فالأشخاص والجماعات والأعمال والكتب؛ ما هي إلا وسائل لنصرة دين الله عز وجل، فلماذا نختلف نحن حول فلان وفلان، مع أننا نتفق جميعاً على أصل الشريعة والدين والسنة؟ ولماذا نختلف على المصطلح الفلاني، مع أننا قد نتفق على مضمون هذا المصطلح أحياناً؟ ولماذا نختلف حول هذه الجماعة أو تلك، مع أننا متفقون على أمر الدعوة إلى الله تعالى؟ قال لي قائل يوماً من الأيام: فلانٌ يتكلم فيك، فقلت له: ماذا يكون إذا تكلم فلانٌ في؟ أنا أعلم أن محبتي ليست من الضروريات، ولا من الأمور التي أدعو الناس إليها، فإنسان اجتهد وتأول فكرهني لأمر رآه عليَّ، قد لا يضيره ذلك، وقد يستطيع هذا الإنسان أن يقوم بعملٍ للدين عظيم وكبير، يرفعه الله تعالى به عند الأولين والآخرين، حتى لو كان يسيء الظن بي وبغيري من الدعاة، أو طلبة العلم، وقد يكون هذا الإنسان صادقاً ديِّناً غيوراً صالحاً، فيجعله الله تعالى يوم القيامة من أهل الفردوس الأعلى حتى لو كان يسيء الظن بي أو بفلان، وسوء الظن بي إن كان صواباً فهو عمل مشكور، وإن كان خطأً فربما يكون من الاجتهاد أو الخطأ المغفور، وأنا أسامحه عن ذلك، وليس لدي استعداد ولا أوافق على أن أجعل من شخصي -مثلاً- أو شخص زيدٍ من الناس، معركة تثور من أجل فلان أو علان، ليس لدي استعداد أن أسمع ماذا قال، ولا أن أرد على ما قال! فقال لي هذا المتحدث: ولكن هناك من الناس من اغتروا به، قلت له: كم عدد الذين اغتروا بهذا المتحدث؟ قال: كثير ربما خمسين أو مائة قلت: طيب هذا الاغترار أهو أخطر، أم اغترار الذين اغتروا بـ الخميني مثلاً يوم رفع عقيرته في الدعوة إلى مذهبه وطريقته؟ قال: لا، بل الاغترار بـ الخميني أعظم وأصعب، قلت: الذين اغتروا بـ الخميني أكثر أم الذين اغتروا بكلام هذا الإنسان، قال: لا، بل الذين اغتروا بذاك الداعية الرافضي أكثر عدداً وعدة.

قلت له: لقد عجزنا عن دفع اغترار الكثيرين من الناس بأهل الكفر أحياناً، فهناك من اغتروا بالنصارى واليهود، وعجزنا عن دفع اغترار الكثيرين من الناس بأهل البدعة الظاهرة المعلنة، وعجزنا عن دفع اغترار الكثيرين من الناس بالمنافقين الذين يتسترون بالإسلام، فلماذا نركز جهدنا وهمنا في دفع اغترار خمسين أو مائة بشخص، وهو اغترار لا يضر إن شاء الله تعالى في دنيا ولا دين؟ فلماذا تريد أن تثير معركةً حول شخصي، أو شخصِ فلانٍ أو علان؟ نحن نرى أن دين الله تعالى أعظم من الأشخاص وأعظم من الجماعات، وينبغي أن يكون الأشخاص والجماعات كلهم فداءً لدين الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015