الناس في الإسلام سواء

الإسلام لا يعبأ بالحدود الإقليمية، ولا يكترث للحواجز الجغرافية، ولا يقيم وزنًا للفواصل العرقية، لأن الرابطة الوحيدة عنده رابطة الإيمان والتقوى، والوحدة الإسلامية، ليس هذا من الزاوية والناحية النظرية فحسب، فإننا نجد أن الأديان والمذاهب والنظريات كلها أو جلها، تقول نظرياً أنها لا تفرق بين الناس.

فالنصرانية مثلاً تقول: إنه لا فرق عندها بين لونٍ ولون، وجنس وجنس، والميزان عندها هو القرب من الخير والحق والعدل والسلام!! والشيوعيةأيضاً تقول: إنها قامت لتحطيم كل الفروق والحواجز بين الناس، وإقامة الأخوة البشرية بينهم، وإزالة ألوان التفرقة، بما في ذلك التفرقة في المستوى المالي أو غيره!! ومثل ذلك الماسونية، فهي تزعم وتدَّعي أنها تقوم على الأخوة والعدل والمساواة! وهكذا، فالشعارات وحدها لا تكفي، والكلمات وحدها لا تغني، أما الإسلام فقد رفعه شعاراً، أنه لا فرق بين عربي وأعجمي، وأبيض وأسود، وغني وفقير، ومأمور وأمير، وقريب وبعيد إلا بالتقوى، ثم طبق ذلك عملياً، فكان المجتمع الإسلامي الأول نسيجاً متلاحماً متكاملاً منسجماً من أجناسٍ مختلفة، في انتماءاتها القبلية، وفي بلدانها ودولها ومدنها، ومختلفةً في ألوانها وأشكالها؛ ولكنها امتزجت كلها في لحمةٍ واحدة، وهي لحمة الإيمان والتقوى والعمل الصالح، وساهمت في هذا المجتمع الإسلامي العظيم.

ولقد ضرب عمر رضي الله عنه أروع الأمثلة في ذلك، حيث كان يقول: [[والله لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لوليته، الخلافة]] وهو مولى!! وكان النبي صلى الله عليه وسلم يولي عليهم في الغزوات والسرايا والبعوث، أحياناً أبا بكر، وأحياناً زيد بن حارثة، وأحياناً أسامة بن زيد وهو ابن مولى، فيوليه وهو مولى على وجوه الصحابة، من رجالات قريش وكبرائها، ووجهائها وأعيانها، أو من رجالات الأوس والخزرج في المدينة النبوية الشريفة.

لقد حطم الإسلام أبَّهة العربي وكبرياءه، وفخره بقبيلته؛ إذ أن جدارة الإنسان لا تكتسب بالوراثة أو باللون أو بالبلد، إنما تنال بالأعمال الجليلة، والمواهب النبيلة، والطاقات الموجودة في الإنسان، أو الإنجازات التي تمت على يديه، وأيُّ فضلٍ لعربي ما حقق لنفسه ولا لدينه تقدماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015