أقوال أهل العلم في يأس الشيطان من جزيرة العرب

وقد يتساءل الكثيرون: كيف يكون هذا؟ مع أننا نعلم أنه حدث ويحدث في هذه الجزيرة، بل وفي بلاد الإسلام كلها أن هناك من أطاع الشيطان، وعبده، أو أطاعه فيما دون ذلك، فمن أهل العلم من قال: إن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص المصلين، أي: "يئس أن يعبده المصلون" أما أولئك الذين أطاعوه وعبدوه فهم من الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن الذين فارقوا الشريعة وتركوا الملة، وخرجوا من الدين، وأصبحوا من غير المسلمين ومن غير المصلين، وهذا دليل على عظم شأن الصلاة.

وقال آخرون: بل يئس الشيطان يوم رأى عز الإسلام، ورأى قوة الدين، وشاهد إقبال الناس على الحق، وإعراضهم عن الباطل، فأصابه من جراء ذلك إعراضٌ وقنوطٌ ويأس؛ ولكنه بعد ذلك يعود إلى قلبه الأمل، وتراوده الأماني والأحلام، أن يوجد من يعبده في هذه الجزيرة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر وهو في الصحيح أيضاً: {لا تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوس حول ذي الخلصة} وهو صنم كانت تعبده قبيلة دوس في الجاهلية، وهذه القبيلة في الطائف، وقد رأينا اليوم في هذه البلاد وفي غيرها، من رفعوا رءوسهم في إحياء شعائر الجاهلية الأولى، مصداقاً لما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم فقد عاد الأمل إلى الشيطان أن يعبده الناس في هذه الجزيرة وفي غيرها، وكل هذه الاحتمالات وغيرها، تتفق على أنه سيوجد في هذه الأمة، وفي هذه الجزيرة بالذات، وفي غيرها من باب أولى؛ من ينساق وراء نزغات الشيطان، ويقع حتى في لونٍ من ألوان العبادة له: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس:60-61] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015