إن أخطر ألوان التحريش؛ هو التحريش الديني.
فالخلاف على الدنيا قديم، وليس من الخطورة بمكان؛ أن نختلف على قطعة أرض، أو على أمرٍ دنيوي، أو على لعاعة، أو على منصب، أو على كرسيٍ أو مالٍ أو جاه، ما لم يلبس هذا الخلاف لبوس الدين، أو يجعل الدين خادماً لأهداف الدنيا ومطامعها.
إنما التحريش الخطير والأمر الجلل؛ أن يختلف الناس في دينهم فيصبحون شيعاً وأحزاباً، وقوارع القرآن تقرع آذانهم، تحذرهم صباح مساء أن يفرقوا دينهم: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:105] وقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103] وقوله: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46] وقوله: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:32] وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:159] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تطيعوا من ولاه الله أمركم، وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا} .