فوائد تعدد القوى السياسية المهيمنة

ولعلي أشير إلى أن الفترات التي يخبو أو يضعف فيها هذا الصراع بين قوتين كبيرتين هي من الفترات التي تكون تعيسة بالنسبة للمسلمين، لأنهم حينئذٍ يكونون أمام قوة واحدة تتحكم فيهم بدون منافس، لكن حين تسترخي هذه القوة، فإنهم يستفيدون منها من وجوهٍ عديدة، كما حصل بالنسبة للاتحاد السوفيتي مثلاً.

أولاً: أنهم -كما يقال- تنفسوا الصعداء داخل الجمهوريات السوفيتية، فبدأنا نسمع عن إقامة بعض المساجد، وإقامة بعض المدارس، وتوزيع مصاحف أو كتبٍ إسلامية، وصلات مع بعض الجمعيات الإسلامية، ولا شك أن هذا العمل لا زال عملاً محدوداً قليلاً لا يكاد يذكر بالقياس -مثلاً- إلى انتفاع اليهود من هذا الانفتاح الذي حصل على الشيوعية، لكن لو كان المسلمون أقوياء لاستطاعوا أن يستفيدوا من هذا الانفتاح فائدة كبيرة.

المهم أن استرخاء هذه القوة كان في صالح المسلمين من حيث أنهم استفادوا من الانفتاح في مد الجسور إلى إخوانهم المسلمين داخل ما يسمى بالسور الحديدي الشيوعي.

الفائدة الثانية: أنهم حين يكونون أمام جهات متعددة كلها تخطب ودهم وتسعى إلى إرضائهم، فإنهم يستطيعون أن يستفيدوا من بعضهم ضد بعض، كما يستفيد صاحب السلعة، الذي يجد عدداً من الزبائن يريدون أن يشتروها، فهب أنك صاحب سلعة في دكانك وأتاك زبون واحد لهذه السلعة يستطيع أن يشتريها منك بما غلا ورخص من الثمن، لكن لو كانت هذه السلعة يتنافس عليها خمسة أو ستة كلهم يريد أن يشتريها لأمكن أن يتزايد عليها حتى يرتفع سعرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015