الخير الناتج عن الجهاد الإسلامي

فها نحن نرى أن الحروب الإسلامية -وبالمعنى الاصطلاحي الشرعي: الجهاد الإسلامي- كانت خيراً للبشرية كلها، فكم من أممٍ دخلت في هذا الدين على إثر تلك الحروب والغزوات التي قام بها المسلمون، وكم من قلوب انفتحت للهداية بسبب هذه الحروب، وكم من طواغيت أُزيلوا عن عروشهم وتسلطهم على الأمم وحيلولتهم بينها وبين نور وهدى الله عز وجل، ولهذا يقول الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحج:40] .

إذاً: الحرب الإسلامية لم تكن شراً، بل كانت خيراً محضاً للأمة المسلمة التي خاضت الحرب وضحت وبذلت وقدمت فلذات أكبادها وقوداً لهذه الحروب، فكانت خيراً لهم في الدنيا والآخرة عزاً وسعادةً في الدنيا، وفضلاً وشهادةً عند الله تعالى في الدار الآخرة قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران:140] كما أنها كانت خيراً للأمم والشعوب التي حوربت، فأزيلت الحكومات التي كانت تحول بينهم وبين الإسلام، فتركوا وشأنهم ففكروا ونظروا وتأملوا فدخلوا في هذا الدين عن طواعية واقتناع.

ولهذا يعجبني تصوير الشاعر الهندي محمد إقبال لهذا الأمر وهذا الموقف في قصيدته المشهورة (شكوى وجواب شكوى) حين يقول: من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم فخارا كنا جبالاً في الجبال وربما سرنا على موج البحار بحارا لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا ورءوسنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا ندعو جهاراً لا إله سوى الذي خلق الوجود وقدَّر الأقدارا كنا نرى الأصنام من ذهبٍ فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا إشارة إلى أن المسلمين حين فتحهم للهند كانوا يأتون إلى الصنم المصنوع من الذهب فيكسرونه ويقتلون سدنته فوقه.

لو كان غير المسلمين لحازها ذهباً وصاغ الحلي والدينارا وكأن ظل السيف ظل حديقةٍ خضراء تنبت حولها الأزهارا فانظر دقة التصوير، لم يكن السيف الإسلامي قتلاً وإفناءً وتدميراً وتيتيماً للأطفال وترميلاً للنساء، بل كان كالحديقة التي تنبت الأزهار حولها.

إذاً فالجهاد والحرب ليست شراً بكل حال، وإنما هي في كثيرٍ من الأحيان خير، صحيح أن النفوس تكره الحرب، وكما قال الله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:216] .

فقضية أن الناس لا يحبون الحروب، أو يكرهونها ويمقتونها هذا شيء، لكن كونها خيراً لهم ولدينهم أو لمصلحتهم هذا شيء آخر غير مرتبط بذلك.

وخاصةً أن الله عز وجل شرع لنا الحرب والقتال كما قال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015