دعوى السلام عند الغرب

أيها الإخوة: نسمع الأمم الغربية والشرقية اليوم تتشدق بنبذ الحرب والدعوة إلى السلام، فأي سلامٍ هذا الذي يقصدونه وينادون به ويتحدثون عنه في محافلهم الدولية ومجاميعهم وأجهزة إعلامهم؟ إن هذا السلام يعني أنهم يريدون أن تظل هيمنتهم على البشرية، وألا تقوم الأمم الأخرى المغلوبة على أمرها والمضطهدة؛ بالمطالبة بنيل حقوقها، أو السعي بالتمكين لنفسها.

إنهم يريدون أن تظل الحضارة بأيديهم وأن يظل الأمر لهم، فكلما وجدوا من هذه الأمم -ولا أقول الأمم الإسلامية فقط، بل أقول أمم الأرض كلها- من يسعى إلى نيل حقه، قالوا: هذا يريد أن يعكر صفونا وهناءة عيشنا فحاربوه.

هؤلاء الذين ينادون بالسلام كم أقاموا في الدنيا من مجازر؟! حتى مع الأمم الكافرة أيضاًَ، لكننا نضرب مثلاً بذوي القربى من المسلمين في فلسطين، لماذا لم تسل دموعهم لهذه الملايين من المسلمين التي شردت، وقتلت وأفنيت؟ لماذا لا تتحرك إنسانيتهم وعواطفهم للمدارس التي أحرقت؟ أين هم من مجازر صبرا وشاتيلا التي فعلها اليهود بالفلسطينيين؟ أين هم من المخيمات التي لا زال المسلمون يعيشون فيها منذ عشرات السنين وهي لا تكاد تسترهم من أذى الحر والقر؟ أين هم من شعب أفغانستان المسلم الذي يذوق المرارة وهو شعب مهجر بأكمله، منذ أكثر من عشر سنوات وهو مشرد بعضه في باكستان وبعضه في إيران وبعضه هنا وبعضه هناك، وكثير منهم في بلاد الغرب، في أمريكا وبريطانيا وغيرها؟ لقد أصبحنا نسمع نغمة جديدة، إنهم يتحدثون عن هؤلاء المجاهدين وقد يصفونهم بالمتطرفين، أو أنهم من ذوي العنف، أو أنهم لا يحبون السلام، كما رموا بذلك المجاهدين في فلسطين منذ زمن، وهي فتوى جاهزة معلبة ضد كل من يعكر صفو عيشهم، مع أن هؤلاء هم الوحيدون الذين أثبتوا -من بين جميع الرايات التي تعلن القتال في الدنيا- ولاءهم وصدقهم للإسلام، لأننا نجد أن كثيراً من البلاد تثور فيها الحروب، فإذا أرادت الدول الكبرى الشرقية والغربية أن تهدأ الحرب عقدت اتفاقية فسكنت الحرب، أما في أفغانستان فعلى رغم ما يسمى بالوفاق الدولي بين روسيا وأمريكا، إلا أن المجاهدين لا يزالون يحملون السلاح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015