الشر يهيمن على البشرية كلها

إننا نعلم -أيها الإخوة- أن الشر اليوم يهيمن على البشرية كلها، حيث تتحكم فيها الحضارة الغربية، وأعني بالحضارة الغربية بمفهومها الاصطلاحي بشقيها الشرقي والغربي، الشيوعي والرأسمالي، وأن كنا نعلم أن الشيوعية قد انحسرت وتقلصت، لكن لازالت تتشبث ببقايا خيوطٍ لها هنا وهناك، وإن واقع العالم الإسلامي الموجود اليوم وما فيه من تناقض وتناحر وفتن، هو إفرازٌ لذلك الخلاف الموجود أصلاً بين الشرق والغرب، ولا شك أن هذا العالم لا تكاد ترتفع فيه راية تنادي بالإسلام إلا وجدت العداء المستحكم من الشرق والغرب من الشيوعية، والرأسمالية، ومن هذا المنطلق فإن الحرب التي قد نخافها ونخشاها في كثيرٍ من الأحيان قد تحمل بشارات كثيرة للمسلمين بأن أعداءهم هم الذين سوف يتقاتلون، ولذلك فإن كثيراً من المسلمين يدعون ويقولون: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين.

إننا نرجو ونؤمل أن يكون كل أمرٍ يكتبه الله تعالى ويقدره للمسلمين خيراً لهم في عاجل أمرهم وآجله، وأن يكون شراً لأعدائهم كما كان يتفاءل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تقص عليه رؤيا، فكان يقول: {خيرٌ لنا وشرٌ لأعدائنا} فهكذا نحن نقول في اليقظة والمنام، وفي كل أمرٍ يثيره الله عز وجل: خيرٌ لنا وشرٌ لأعدائنا.

فالحرب ليست شراً محضاً، وكما يقول أحمد شوقي: والناس إن تركوا البرهان واعتسفوا فالحرب أجدى على الدنيا من السلم والشر إن تلقه بالخير ضقت به ذرعاً وإن تلقه بالشر ينحسم إن الظلم اللاحق بالمسلمين اليوم ظلمٌ فادح، في ابتزاز أراضيهم، ونزف دمائهم، ونهب خيراتهم، وتسليط الأعداء عليهم، وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية ومن العيش الكريم، ونحن نجد أن الغرب ينظر إلى الدم النصراني على أنه دم مقدس، في مقابل أنه لا يرى أن للمسلمين حرمة، ولذلك نجد أنهم يغضبون إذا استخدمت روسيا السلاح في الجمهوريات السوفيتية النصرانية؛ كجمهوريات البلطيق لكنهم لا يرفعون رأساً إذا كانت الضربة بإخواننا المسلمين، فما بال الإنسانية تتحرك للنصرانية ولا تتحرك للمسلم؟! أيها الأحبة: إذاً الوقفة الأولى باختصار ليست الحرب شراً محضاً، وقد تكون الحرب إن كتبها الله تعالى خيراً للمسلمين، ونحن لا نتمناها ولا نطلبها لكننا نقول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح حديث عبد الله بن أبي أوفى: {أيها الناس: لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال صلى الله عليه وسلم: اللهم مجري السحاب منزل الكتاب هازم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم، اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم} .

فيا أخي الحبيب: ادع بما دعا به نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم: {اللهم مجري السحاب منزل الكتاب هازم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم، اللهم وانصرنا عليهم} وادع ربك على كل عدو للإسلام ظاهر أو مستتر، معلن أو مخفي، فالأعداء كثر ومنهم عدوٌ كاشر عن عدائه ومنهم عدوٌ في ثياب الأصادق ومنهم قريب أعظم الخطب قربه له فيكم فعل العدو المفارق لا أقول كما كان يقول بعض الغرب: اللهم اكفني شر أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيلٌ بهم، نحن نقول: كلا.

بل اللهم اكفنا شر أصدقائنا وشر أعدائنا، فإننا بدون عون الله تعالى وتأييده ونصره لا نستطيع أن نصنع شيئاً أبداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015