وهذه المحبة ليست شعوراً في القلب أيضاً، بل إنها تستلزم أمراً خامساً وهو: أن تتحول المحبة إلى اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك يقول الشاعر فيما يتعلق بالله عز وجل: تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس شنيعُ لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيعُ وأنت إذا نظرت إلى الذين يحبون بشراً من البشر محبة شركية؛ وجدتهم في الحقيقة أصبحوا مجرد آلات تأتمر وتتحرك بإشارة المعشوق المحبوب بشكل واضح جداً، فالمحبة الحقيقية لا بد أن تظهر آثارها على الجوارح؛ ولذلك لما ادعى قوم محبة الله ورسوله، ابتلاهم الله عز وجل بالآية التي كان بعض السلف يسميها آية المحنة: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:31] .
فالمحبة -أيها الإخوة- ليست دعوةً باللسان، وليست مجرد شعور يخفق به القلب؛ بل هي محبة تجعل الإنسان مستعداً لأن يقف حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوقوف، ويعمل ما أمره صلى الله عليه وسلم أن يعمل، ويترك ما أمره صلى الله عليه وسلم أن يترك؛ مهما كان ذلك مخالفاً لمحبوبه ومراده هو.