الهجرة من البيئة الفاسدة المنحرفة

الهجرة بمفهومها الشامل، فالسلف رضي الله عنهم كانوا يفهمون الهجرة بأنها تعني: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام, والانتقال من بلد المعصية إلى بلد الطاعة, والانتقال من بلد البدعة إلى بلد السنة, والانتقال من بلد الجهل إلى بلد العلم, كل هذا من الهجرة.

وكان الإمام مالك -رحمه الله- يقول: لا أقيم ببلد يسب فيه أبو بكر وعمر فالهجرة إنما شرعت لإخراج الإنسان من البيئة الفاسدة المنحرفة، وإخراجه من ضغط المجتمع، ووضعه في بيئة صالحة تعينه على الاستقامة.

وقد يلحظ كل إنسان أنه حين يعيش في مجتمعات كافرة -مثلاً- لو اضطرته ظروفه كظروف الدراسة، أو ظروف العلاج، أو ظروف المعيشة؛ أن يعيش مثلاً في أوروبا أو أمريكا أو غيرها, في وسط مجتمع كافر، يلاحظ أنه وإن كانوا يقولون: هذه مجتمعات الحرية, وليس هناك أحد يحمل سيفاً على رأسه ليضطره أن يمارس الكفر, لكن الواقع أن ضغط المجتمع يُسيِّر هذا الإنسان -في كثير من الأحيان- على خلاف ما يحب هو, وعلى خلاف ما يرغب.

وما يعلم أن الدين يأمره به, سواء في ذلك ضغط القانون الذي يُسيِّر هذا المجتمع، أو ضغط الناس المحيطين به، وما لهم من عادات وتقاليد موروثة اعتادوا على فعلها.

وحين يرى الإنسان من حوله ملايين من البشر، كلهم يمارسون أموراً اتفقوا عليها, فإنه يشعر داخلياً بضرورة موافقة هؤلاء الناس على ما هم عليه, إلا أن يستعصم بالإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015