صور من ضغوط المجتمع على الإنسان

وضغط المجتمع يتجلى في أشياء عديدة، ففي مثل مجتمعاتنا؛ لينظر الإنسان حين يجد المجتمع يتعامل فيما بين أفراده بمعاملة معينة في موضوع التحية والسلام، والعبارات التي يتبادلونها عند اللقاء, هل من السهل عليك أن تغير هذه الأشياء؟! ليس من السهل.

حين يتعامل أفراد هذا المجتمع فيما بينهم بمعاملة معينة فيما يتعلق بنوع اللباس, هل من السهل عليك أن تغير هذا اللباس؟! ليس من السهل.

من الصعب جداً على الإنسان؛ أن يأتي إلى مجتمع كمجتمعنا، فيلبس ثياباً لا يلبسها أهل هذه البلاد, ويعيش بها بينهم وهو فلان بن فلان المعروف, صحيح أنه لو لبسها إنسان أجنبي أو من بلد آخر هي لباسه في بلده؛ قد لا يستغرب.

حين يتعامل المجتمع في طريقة الشعور بأسلوب معين يصعب مخالفته, فلو كان هناك مجتمع -مثلاً- اعتاد أفراده على حلق شعورهم؛ تجد الإنسان الذي يريد أن يلتزم بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، في إعفاء اللحية وإحفاء الشارب؛ يجد مشقة كبيرة في ذلك, وقد يضعف أمام هذه الضغوط.

حين تجد الفتاة -مثلاً- أنها تعيش داخل مجتمع السفور فيه على أشده، ولم تجرِ عادة الجدات والقريبات بلبس الغطاء على الوجه، على الأقل عن الأقارب وأبناء العم وأزواج الأخوات وما أشبه ذلك, فإن الفتاة تجد صعوبة في الالتزام بهذه الشعيرة الإسلامية الثابتة في القرآن والسنة, لأنها تخالف المجتمع.

وقل مثل ذلك في عادات المجتمع في أمور الزواج والعلاقات الاجتماعية وغيرها.

فالمجتمع له ضغط، والشاب والفتاة قد يقعون ضحايا لضغط هذا المجتمع -مثلاً- فالشاب يلاحظ أنه لكي يكون له قيمته في المجتمع يجب أن يسلك مسلكاً معيناً، فيتجه بهذه الوجهة ولو كانت مخالفة؛ لأنه يريد أن يحتفظ بعلاقات معينة, يريد أن يحظى بإعجاب من حوله, يريد أن يسلم من استهزائهم وسخريتهم وطعنهم وقيلهم وقالهم, فهو يحس بأنه لا بد أن يسير مع التيار, وحين يخالف المجتمع يشعر بأنه كما يقال: يسبح ضد التيار! وحين تنظر إلى شرائح من المجتمع تجد هذه الصورة أوضح, انظر -مثلاً- إلى البيت، إذا كان البيت منحرفاً وخرج شاب أو فتاة في داخل هذا البيت كالريحانة في وسط النتن, يريد أن يستقيم ويريد أن يصلح, ماذا يجد من البيت؟ مع الأسف الشديد -أحيانا- يجد هذا الشاب وتجد هذه الفتاة، حتى من الوالدين الذين هم أقرب الناس إليهم؛ يجدون منهم المعارضة، والسخرية المرة، والاستهزاء والتحطيم، ومحاولة ثنيهم عن هذا الطريق بكل وسيلة, وحينئذٍ يكون الخطب عسيراً, لأن الشاب أو الفتاة يشعر بالحسرة، ويصدق عليه حينئذٍ قول الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند أشد من وقع السيوف الباترة.

فتاة -مثلاً- تلتزم بالحجاب فتسمع من أمها عبارات سخرية وتقريع, فإذا صلت وأطالت صلاتها بعض الشيء قالت لها أمها: يا ابنتي، نحن لسنا في شهر رمضان، وما يصلح أن يكون كل الوقت صلاة! إن فعلت هذا رغب عنك الخُطَّاب ولا يريدك أحد.

إن رأتها لا تخرج من البيت عتبت عليها ولامتها، وطلبت منها أن تتفسح، وأن تزيل العقد النفسية -كما يعبر بعضهن وبعضهم- ولا يزالون يضعون العقبات في هذا الطريق؛ حتى يعيا الشاب أو الفتاة السائر في طريق الهداية، وربما كان هذا سبباً في إصابته بكثير من النكسات والمشاكل النفسية.

بعض الشباب يواجهون مشقة إذا عاشوا مثل هذا الجو، خاصة الفتاة؛ لأن الشاب قد يجد ما ينفس به عن نفسه خارج البيت, لكن الفتاة تشعر بالضغط والكبت, فربما يولد هذا عندها أمراضاً كثيرة جداً، فبعض الفتيات إذا وصلت إلى هذا المستوى؛ أصبحت لا تجد طعم الأنس بالحياة, لا تشعر إلا بالحزن والكآبة وضيق الصدر, وتجد معظم وقتها يمضي في بكاء مر, حتى أن بعضهن تجدها وهي تصلي وتبكي منذ أن تُكَبّر إلى أن تسلّم؛ بسبب ضغوط البيئة، وكثرة السخرية والاستهزاء, خاصة إذا كانت ضعيفة النفس ولم تجد من يعينها على تحمل هذا الضغط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015