علاج ضغوط المجتمع

والعلاج لمثل ضغط المجتمع يكون بأمور: أولاً: العلاج الذي ذكرته سابقاً، وهو البحث عن البيئة الطيبة, والبحث عن القرناء الطيبين، لأن الإنسان إذا كان عليه ضغط من جهة؛ يحتاج إلى أن ينفس من جهة أخرى, فإذا ارتبط بقوم صالحين يشكو إليهم أحزانه, ويجد أنهم على شاكلته, يصلون كما يصلي, ويصومون كما يصوم, وأخلاقهم أخلاقه, واهتماماتهم هي اهتماماته؛ فيشعر بالأنس معهم، فيزول عنه بعض ما يعاني من الأسى والحزن.

فلا بد من البحث عن بيئة طيبة يحقق الإنسان فيها رغباته وطموحاته.

ثانياً: لا بد من الصبر.

والله عز وجل قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} [آل عمران:200] فأمرنا بالصبر، ولذلك كان الصبر واجباً على الإنسان, لكنه سبحانه ثنى بقوله: {وَصَابِرُوا} [آل عمران:200] أي: أنك قد تصبر مرة، لكن إذا تكرر عليك الإيذاء والسخرية والاستهزاء وعبارات التوبيخ؛ ربما ينفد صبرك وتجزع, ولذلك قال: (وَصَابِرُوا) والمصابرة تعني: استمرار الصبر, كلما آذاك الآخرون صبرت, إذا صبروا هم على باطلهم فصابر أنت على حقك، ثم قال تعالى: {وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200] .

وأشد ما تكون حاجة الإنسان إلى الصبر في هذا الوقت, هذا الوقت الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، الذي رواه الترمذي وغيره، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر} القابض على الجمر يحس بلسع النار في راحته.

ولذلك هو في كل لحظة يهم بإلقاء هذه الجمرة حتى يسلم من إحراقها, وكذلك القابض على دينه في أزمان الغربة في أيام الصبر؛ يحس بصعوبة الاستمساك بالدين، فتحدثه نفسه في كل لحظة بالتخلي عن هذا الأمر الذي يتعذب من أجله, ولكنه حين يمسك بهذا الجمر يجزى بأوفر الجزاء, له أجر خمسين كما في الحديث الصحيح: {قالوا: يا رسول الله! أمنا أم منهم؟ قال: بل منكم} أي: من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه لا يكاد يجد المعين والناصر، أما هم كانوا يجدون أعواناً على الخير.

فلا بد من الصبر، ويقرأ الإنسان في القرآن الكريم وفي كتب السنة الأحاديث المرغبة في الصبر, ألم تعلم أن من الأنبياء من بعث فلم يؤمن به أحد؟ ولذلك في الحديث الذي في الصحيحين، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عرض الأمم عليه، وأنه يأتي النبي ومعه الرجل, والنبي ومعه الرجلان, والنبي وليس معه أحد.

نبي بعث ما آمن به ولا نفر واحد من أمته, كم عانى هذا النبي؟ كم تعب؟! كم سُخر منه؟! كم استُهزئ به؟! كم بذل؟! ولكنه لم يُقْبَل منه, ومع ذلك صبر, فيأتي يوم القيامة وقد أقام الحجة على أمته.

ومع الصبر فلا بد أن يعرف المسلم أن هناك ملجأًَ، إذا أغلقت جميع الأبواب فإنه لا يغلق, وهو باب الله تبارك وتعالى, باب الله لا يغلق في وجه طارق, والله أكرم الأكرمين, وأجود الأجودين, يعطي بلا حساب, فما من عبد يرفع رأسه إلى الله عز وجل سائلاً بصدق وإخلاص وإلحاح إلا أجابه الله تعالى, لا شك في هذا {ولكنكم قوم تستعجلون} كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015