للضرورة أحكام

Q فضيلة الشيخ! للضرورة أحكام, هكذا تنبت الإجابة، كلما تساءل أحدٌ عن قضية استشفاء المرأة لدى الرجل، أو العكس, فهل يرى فضيلتكم أن هذه الأحكام يمكن أن تمتد إلى هذا الجانب مطلقًا؟

صلى الله عليه وسلم الضرورة من المعروف أنَّ لها أحكاماً في الشريعة؛ لكن ما هي هذه الأحكام أولاً؟ وما هي الضرورة ثانيًا؟ هذا بحثٌ أصولي وفيه كتبٌ ومصنفات، ولا أظن أن هناك داعياً للاستطراد والاسترسال فيه, ولكن ينبغي أن نعلم أن الأمة عليها واجب، قبل أن يكون الواجب على الفرد، فالأمةُ بأجهزتها ومؤسساتها؛ مطالبةٌ بأن توفر للفرد من أفرادها العلاج الصحيح الشرعي، الذي يحقق المطلب الصحي أو الحاجة, وفي نفس الوقت يحافظ على دين الإنسان، رجلاً كان أو امرأة وتحافظ على أخلاقه, هذا مطلبُ الأمة كلها وهي آثمة إذا قصرت أو فرطت فيه, بأفرادها ومؤسساتها وأجهزتها العامة والخاصة.

وأقول -كما قلت من قبل-: في بلاد الغرب.

حيث توجد قوانين تعتبر أن فصل الرجل عن المرأة نوعٌ من التمييز العنصري, فترفض الفصل، ومع ذلك يوجد عندهم فنادق خاصة بالنساء, وجامعات ومدارس خاصة بالنساء, ومستشفيات خاصة بالنساء, بل يفكرون بأكثر من ذلك.

فالمسلمون مطالبون من باب أولى، أن يشعروا بأن هذه المطالب الجدية الملحة التي تصيح الأمة بها صباح مساء, لا يمكن أن تصم عنها الآذان, ويجب أن نكون كلنا دعاة لمثل هذا الأمر, وأن نتحدث عنه، ونبلغه ونوصله, ونسعى بقدر المستطاع، وليس شرطًا أن الإنسان في يده المفتاح, ويملك كل شيء ويملك قراراً , لكن يستطيع أن يملك -على أقل تقديرٍ- أن يساهم في مثل هذا الأمر، وفي هذا الاتجاه ولو بالكلمة الصادقة القوية المؤثرة المعبرة عما يعيشه الناس, فهذا واجب الأمة.

أما بالنسبة لحال الأفراد، فلو افترض أن إنساناً عنده حالة مرضية؛ إذا استطاع أن يجد امرأة تعالج هذه المرأة فهذا هو الواجب عليه، ولو كانت هذه المرأة غير مسلمة، فالأصل أن يكون العلاج عن طريق امرأةٍ مسلمة, وإذا كان لا يوجد امرأةً مسلمة تعالج هذه المرأة فتتعالج ولو عند امرأةٍ كافرة بشرط أن تكون مأمونة في علاجها، لا يمكن أن تسيء إلى هذه المرأة المسلمة، أو تحقد عليها بما يضرها ويسيء إليها, فإذا لم توجد هذه المرأة التي تعالج المرأة, ينتقل الأمر إلى الطبيب المسلم المأمون, فإن لم يوجد هذا الطبيب, فالحل الأخير هو الطبيب الكافر المأمون أيضًا.

والضرورة لها أحكامها, فإذا كان الإنسان يستطيع أن يعالج زوجته عند امرأةٍ مسلمة ويملك ذلك دون مشقة, لم يكن جائزًا له شرعًا أن ينتقل إلى غيرها، أي إلى رجلٍ -مثلاً- ولو كان رجلاً مسلمًا، فينبغي أن ندرك هذا الأمر.

وفرقٌ بين الأمور التي يواجهها الإنسان وتواجهها الأسر والمجتمعات, فقد يكون التضييق عليه في مثل هذه الأمور صعباً مع وجود الحاجة، وإن كان على ولي الأمر، زوجاً كان أو أخا أو أباً أو ما أشبه ذلك، أن يحرص على ضبط الأمور، وعلى العناية وعلى الرعاية وعلى المتابعة، حتى يطمئن بنفسه إلى أن الأمر تم كله في جوٍ منضبطٍ، بعيدٍ عن كل ما يخدش أو يشين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015