Q فضيلة الشيخ -جزاك الله خيراً- نرجو الإفادة عن الحكم الشرعي في حضور ندوات علمية مختلطة؟
صلى الله عليه وسلم أولاً يجب السعي إلى فصل الرجال عن النساء في كل المجالات, العلمية والطبية والندوات والتطبيب وغيرها, هذا واجبٌ علينا جميعاً، وعلينا أن نبذل فيه ما نستطيع، سواء كان الواحد منا يستطيع أن يقدم النصيحة, أو كان يستطيع أن يتخذ القرار, أو كان يستطيع أي شيء، واجب علينا أن نسعى إلى الفصل بقدر المستطاع وبقدر الإمكان, وهذا ممكنٌ ولا شك, وإذا تحقق هذا لم يكن هناك -أصلاً- مجالٌ للسؤال عن حضور ندوات مختلطة بين الرجال والنساء, لكن لنفرض أن هذا الأمر لم يتحقق, فأقول: يفتقر الأمر حينئذٍ إلى مسائل: أولها: أهمية هذه الندوة، فقد تكون هذه الندوة يغني عنها غيرها، أو فيها فائدةً محدودة، فلا داعي حينئذٍ أن نحضرها، بل ينبغي أن يكون تعبيرنا عن إنكار هذا المنكر -أحيانًا- بعدم الحضور؛ متى كان الحضور وعدمه متساويين أو متقاربين، والأمر لا يفرق كثيرًا.
وبالمقابل قد تكون هذه الندوة أحيانًا مهمة، أو يُتَوقَّف عليها على خبرةٍ معينة، أو على ترقيةٍ معينة أو ما أشبه ذلك.
الأمر الثاني: الذي يجب أن يوضع في الاعتبار: نوعيةُ الاختلاط -فأحيانًا- يوجد ندوات فيها شيء مما يسمى بالاختلاط, لكن يوجد الرجال -مثلاً- في الأمام، وتوجد النساء في الخلف, بحيث يكون المكان منعزلاً, ومخرجٌ مستقل للرجال, وهناك مخرجٌ مستقلٌ للنساء, فهذه الصورة -على ما فيها من الخطر، وعلى ما فيها من الضرر، وعلى ما فيها من أنها تكون ذريعةً إلى غيرها, وسبيلاً إلى غيرها- لكنها على ما فيها أهونَ من الصورة الثالثة، التي اطلعت -مع الأسف أنها تحصل أحيانًا, وهي صورةُ الاختلاط الكلي والاندماج الكامل، بحيث تجد الرجل إلى جواره امرأة, ويتبادلون الحديث وغير ذلك, مع أن الواقع أن هذا الجو ليس جواً تعليمياً, ولا جواً تربوياً مهما كان الأمر.
وقد أدرك الغرب أن الاختلاط من أهم الأسباب في التأخر العلمي, ولذلك عمد الآن إلى الفصل بين الجنسين، ويوجد في أمريكا أكثر من مائتي جامعة غير مختلطة, لأنه أدرك أن العلم الصحيح لا يمكن الحصول عليه في جو مختلط, يوجد فيه الرجال والنساء بعضهم إلى جوار بعض, بل هذا الجو مثارٌ للفتنة، وسببٌ للإعراض، وسببٌ للعزوف، وسببٌ في انشغال بعضهم ببعض, وليس جواً تعليمياً ناضجاً.
ونحن نجد اليوم ونعلم أن الإنسان المتدين المستقيم، ذا الخلق الفاضل المتزوج, إذا وجد في مثل هذه الأجواء يشعر بالضيق، ويشعر بالقلق ويشعر بالتبرم، وبالتالي نفسيته غير مؤهلة ولا مهيأة لتلقي العلم، فكيف بغيره من الناس؟ فالله المستعان.