وفى العالم الغربي أيضاً، حيث النصرانية تجد مثل ذلك, ففي أمريكا، التي هي موضع القدوة في نظر الكثيرين من المستغربين وغيرهم, في تلك الدولة التي هي أيضًا حكومة للعالم معلنة متوجة, يوجد أحزاب متطرفة نصرانية، يسمونها الأحزاب الإنجيلية، أو يسمونها الأحزاب الأصولية -وأصل كلمة الأصولية مأخوذة من الغرب- ويعنون بها تلك الأحزاب التي تأخذ النص مما يدعون أنه الكتاب المقدس؛ تأخذ به أخذًا حرفياً، وهى أحزابٌ كثيرة, وهناك دراساتٌ ضخمة جدًا عن هذه الأحزاب, وهي في ازدياد، ومنذ أكثر من اثنتي عشرة سنة، لا يصل رئيس إلى سدة الحكم في أمريكا إلا وهو يخطب ود هؤلاء, ويعلن تدينه وتأييده للمتدينين, وأنه يسعى إلى أن تكون أمريكا مقرًا للدين والتدين, ومكاناً لمحبة الله -كما يزعمون ويعبرون ويقولون- صرح بذلك كارتر , وريجن , وبوش , وصرح به الزعيم الحالي, فهو لا يستحي من أن يعلن الدين والتدين, بل الرئيس السابق بوش، كان يتكلم عن تدين الشعب الأمريكي ويقول إن (99%) من الشعب الأمريكي يؤدون الصلاة, سواء في الكنائس أو في بيوتهم, لا يخجل من هذا؛ بل يعلنه ويفتخر به، ويقول: نفتخر بأن هذه الدولة أو هذه الأمة الأمريكية؛ أصبحت مأوى للمضطهدين والمشردين إلى غير ذلك.
المهم أن تلك الأحزاب الأصولية المتطرفة النصرانية، أصبحت ذاتَ تأثيرٍ كبيرٍ وخطيرٍ، وأصبحت تملك مئات المحطات للتلفزة، وآلاف الإذاعات, وعشرات الآلاف من المؤسسات، وعشرات الملايين من الناس الذين يتابعون مطبوعاتها ومنشوراتها، وبثها وإذاعتها, ويدفعون لها الضرائب والتبرعات, ويؤمنون بأطروحاتها ومذاهبها.
وبذلك استطاعوا أن يحفظوا مجتمعهم من الشتات والتفرق والصدام, وأن يستفيدوا من كل الطاقات الموجودة فيه