عدم التخلي عن المسئولية

ألا يتخلى أحدٌ عن دوره ومسئوليته.

فكثيراً ما نسمع تعبيراً يقول: الناس الملتزمون يفعلون كذا, والناس الملتزمون يقولون كذا, إذاً وأنت, لماذا نرضى -فعلاً- بأن نجعل مهمة التدين والالتزام، والصلاح، والدعوة، ونشر الخير، مهمة فئةٍ معينة في المجتمع؟ أما نحن فنكتفي بأن نقول: الملتزمون فعلوا كذا, فقد نثني أحيانًا على ما فعلوه، وقد نعتب عليهم أحيانًا في خطأٍ أو تقصيرٍ وقعوا فيه.

والملتزمون بشر يخطئون ويصيبون ولا شك! وليس بشرط كون الإنسان ملتزمًا بدينه أن يكون معصومًا, إنما العصمة للأنبياء فقط عليهم الصلاة والسلام, أما غيرهم من الناس فيخطئ ويصيب, ولذلك يجب أن نضع الأمور في مواضعها، ونعدل وننصف في النظر إلى هذه الفئة من الناس.

وقد قلت لبعض الإخوة: كثيراً ما تردد الصحف والإعلام العربي -تبعًا للإعلام العالمي- لفظ المتطرفين والأصوليين والإرهابيين، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يقصد بها المتدينون, سواء ًكانوا من المعتدلين، أو كانوا من غير المعتدلين, إن صح هذا التقسيم -أيضًا- فلننظر قليلاً إلى اليهود ألا يوجد فيما يسمى اليوم بدولة إسرائيل وهي فلسطين المغتصبة, ألا يوجد عندهم اليوم في شعب اليهود أحزاباً ومجموعات كبيرة ممن يسميهم الإعلام العالمي ويسمونهم اليهود أنفسهم, ويسميهم العرب باليهود المتطرفين, كحزب غوش أمنيوم وغيره من الأحزاب؟ بلى.

يوجد أحزاب يهودية متطرفة، بعضها يؤمنون بما يسمونه دولة إسرائيل العظمى التي تمتد من الفرات إلى النيل, وبعضهم يؤمنون بحكومة العالم اليهودية الخفية، التي يجب أن تعلن لتحكم العالم كله باسم بني إسرائيل, وبعضهم يؤمنون بأشياء يرفضها العالم كله.

لكن هؤلاء المتطرفون -كما يسمونهم- اليهود أين يعيشون؟ هل هم يعيشون في غياهب السجون؟ لا.

هل هم يعيشون في زوايا المجتمع، حيث الإهمال والنسيان والضغط عليهم؟ لا.

إذاً أين يعيشون؟! لعلك تعلم أنهم يعيشون في الكنيسة, ويشاركون في الحكم, وفي القرار, ويؤثرون في اختيار المسئولين في تلك الدولة الممسوخة؛ ولذلك تجد أن مجتمعهم على ما فيه من تناقضات واختلافات وفيه حرية للمتدينين والبارحة كان هناك تهديدات لرئيس الوزراء وللحكومة بالموت, من قبل اليهود المتطرفين تهديدات هاتفية, وتهديدات عبر مظاهرات, حيث هناك حفريات في بعض المقابر، التي يقول اليهود إنها قبورٌ تاريخية لهم, وتقول الحكومة اليهودية: إنها قبورٌ للنصارى.

المهم أن أولئك القوم عرفوا كيف يتعاملون مع الآراء المختلفة, ومع التوجهات المختلفة, وأعطوا فرصةً لكل قوةٍ أثبتت وجودها في المجتمع, وبذلك سلم مجتمعهم من التناقض والاضطراب، والتشتت، وأن يقوم بقتل بعضه بعضاً، وبطعن بعضه بعضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015