مأخذ ثالث في أسلوب تعاملنا: قضية المفاجأة بالأحداث.
وهذا من أكبر مظاهر الضعف عند المسلمين؛ أنهم يفاجئون بالأحداث ولا ينتظرونها ولا يتوقعونها، وهودليل قطعي على أنهم لا يساهمون في صناعة الأحداث، بل ولا يستطيعون رصد الأحداث، وتوقعها قبل وقوعها، وهذا -كما أشرت- هومن أعظم مظاهر ضعف المسلمين.
ويقضى الأمر حين تغيب تيمٌ ولا يستأمرون وهم شهودُ حتى الأحداث في مناطقهم وفي بلادهم في أموالهم، تدار في بلادٍ أخرى وتصنع، ويفاجئون بها دون أن يكون لهم علم، ودون أن يكون لهم أثر في تحريكها أو إيقافها أو توجيهها إلى وجهة معينه.
لعل رجل الشارع العادي في البلاد الأجنبية -أحياناً- أكثر إهتماماً بالأحداث من المسلم، والآن لونظرت إلى رجل الشارع في بلاد النصارى؛ لوجدته معنياً بالأحداث أكثر من عناية كثيرٍ من المسلمين، ويهتم لها أكثر مما يهتم لها، ويتابعها أكثر مما يتابعها، ويتصورها أكثر مما يتصورها.
وكم فوجئ المسلمون في تاريخهم بأحداث كثيرة، لعل من أكثرها المفاجآت التي تمت على يد اليهود في المنطقة، باعتبار أن اليهود -كما أسلفت- خلفاء تاريخيين للنصارى، ضرب الطيران المصري كان مفاجأة، وجولات إسرائيل على العراق، لضرب المفاعل كان مفاجأة، والضرب على تونس للقضاء على مجموعة من الفلسطينيين كانت مفاجأة، وأحداث أفغانستان كانت مفاجأة، وأحداث باكستان في أكثر من مناسبة كانت مفاجأة.