إذاً تبين لنا أن قضية البعث مرتبطة بقضية وجود الإنسان في هذه الدنيا، وأن البعث ليجازى بما عمل، وهنا يبرز أثر الإيمان بالبعث في الدار الدنيا، فليس الكلام عن البعث كلام عن عالم آخر لا علاقة له، بل هو كلام عن عالم مرتبط بهذه الدنيا، وهو الوجه الآخر لحياة الإنسان، وفي الآية دليلٌ على أن الإنسان لا يؤاخذ بما حدثت به نفسه إلا إذا تكلم به، فالوسواس الذي يدور في القلب والصدر، والخواطر التي تمر، والشبهات التي يلقيها الشيطان على قلب العبد لا يؤاخذ بها الإنسان إلا إذا تكلم بها، أما إذا دفعها، واستعاذ بالله تعالى منها فإنها لا تضره، ولا يسأل عنها أصلاً يوم القيامة، ولهذا قال سبحانه: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق:16] ثم قال: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] إذاً: ما ليس بقول ولم يتكلم به العبد ولا أقره؛ فإنه لا يضره، ولا يسأل عنه يوم القيامة، وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل} .