وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوال هذه الغربة، وهذا هو المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم: بدأ، ثم قال: وسيعود، دليل على أن هذه الغربة قد زالت، وفعلاً زالت هذه الغربة ودافعها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة ثم في المدينة في بدر وفي أحد وفي الخندق وفي فتح مكة، حتى زالت هذه الغربة، ويمكن أن تكون الموقعة التي انقشعت فيها الغربة انقشاعاً تاماً هي فتح مكة، حيث كانت قريش هم ملوك العرب وسادتهم وأهل البيت العتيق، فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة أسلم كثير من العرب، وجاءت الوفود من أنحاء الجزيرة العربية تبايع الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام، ودان له الناس، ودخلت الكعبة تحت طاعة المسلمين، ثم نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] وكان هذا في حجة الوداع، فكمل الدين، وتمت النعمة، وزالت الغربة، وهذه هي المسألة الثانية.