أما المسالة الثالثة: فهي إخباره صلى الله عليه وسلم خبراً يقينياً قطعياً أن هذه الغربة ستعود مرة أخرى، فقال: {وسيعود غريباً كما بدأ} .
وقوله صلى الله عليه وسلم: {وسيعود غريباً} يحتمل أحد معنيين ذكرهما شيخ الإسلام ابن تيمية في الجزء الثامن عشر من الفتاوى.
المعنى الأول: أن تكون هذه إشارة إلى ما يقع في آخر الزمان بعد عيسى -عليه السلام- حين تأتي الريح الطيبة فتقبض أرواح المؤمنين فلا يوجد في الأرض من يقول: (الله الله) فقبل هذه الريح يوجد مؤمنون ولكنهم قليل، ثم تأتي الريح فتقبض أرواحهم بقدرة الله عز وجل فلا يبقى إلا الشيخ الكبير والعجوز يقولون: لا إله إلا الله أدركنا آباءنا يقولونها فنحن نقولها، وهم مع ذلك لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا صدقة، ولا نسك! كما صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة ورواه ابن ماجه وغيره بسند صحيح.
أما المعنى الثاني: الذي يحتمله قوله - صلى الله عليه وسلم-: {وسيعود غريباً} أن يكون هذا إشارة إلى ما سيقع في الأمة من ضعف الدين، وانحلال ربقته في كثير من البلدان بعد عصور النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فيكون هذا إشارة إلى ما وقع من النقص من تلك الأزمنة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.