أما المسألة الرابعة: فهي قوله صلى الله عليه وسلم {فطوبى للغرباء} وهذا وعد منه صلى الله عليه وسلم بطوبى للغرباء، واختلف في طوبى فقيل: هي: شجرة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وقيل: هي: الخير الكثير الطيب والجزاء الحسن، وهذا القول أحسن لأنه يدخل فيه القول الأول، فمن الخير الكثير الحسن والجزاء الطيب هذه الشجرة المذكورة في الجنة، فقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء الغرباء بالخير الكثير الطيب في الدنيا والآخرة.
فما هو الخير الكثير الطيب الذي وعدوا به في الدنيا؟ لقد وعدوا في الدنيا بسعادة القلب وسروره وطمأنينته بالإيمان، ووعدوا بأن يقيض الله لهم من يعينهم حتى من أعدائهم كما حصل للمسلمين حين هاجروا إلى الحبشة، ووعدوا أن يزيغ الله قلوب الناس لهم فيطيعونهم كما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم حين بايعه الأنصار في رجب، ثم استقبلوه في مدينتهم، ووعدوا بشيء كثير من الخير الطيب في الدنيا، فضلاً عما يجدونه في قبورهم من النعيم، فضلاً عما يلقونه يوم القيامة من الرضوان والجنة والنظر إلى وجه الله الكريم، وهذا كله داخل في قوله: (فطوبى) .