المسألة السادسة والأخيرة: هي الإشارة إلى المواقع التي بشَّر النبي صلى الله عليه وسلم بإعزاز الإسلام فيها، فقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم بعزة الإسلام في هذه الجزيرة فقال: {إن الدين يأرز بين المسجدين كما تأزر الحية إلى جحرها أو في جحرها} وقال صلى الله عليه وسلم: {لا يجتمع في جزيرة العرب دينان} وقال: {أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب} وهذا دليل على أن هذه الجزيرة هي عاصمة الإسلام حتى يرث الله الأرض ومن عليها إلا ما شاء الله.
وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الشام وأن فيه طائفة منصورة إلى قيام الساعة، فقال في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: {وهم بالشام} وقال في الحديث الصحيح الآخر: {إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم} وقال في حديث آخر حين سئل: أين هم يا رسول الله؟ قال: {ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس} فهو دليل على أن الله عز وجل يُوجِد في الشام قوماً صالحين يحمون الدين، وقد يستغرب بعضكم هذا ونحن نعرف ما نعرف من الفساد في بلاد الشام اليوم، فأقول: إن علم الله عز وجل لا يمكن أن يحيط العباد بشيء منه إلا ما أطلعهم عليه، وقد أخبرهم بعزة المسلمين في الشام.
ولعل ما ترونه اليوم من تجمع اليهود في فلسطين وسطوتهم وعتوهم يكون تمهيداً لما أخبر به صلى الله عليه وسلم من الملاحم بينهم وبين المسلمين في تلك البلاد، ومن عزة الإسلام في تلك الأرض.
كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن اليمن وقال في الحديث الصحيح: {إني لأجد نَفَس ربكم من قبل اليمن} أي تنفيسه عن المؤمنين وفرجه عنهم كما فسره بذلك ابن قتيبة وابن تيمية رحمهما الله فهذه بعض المواقع التي لا يزال يوجد فيها من يقوم بأمر الدين ويرفع رايته، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس، ويصلحون ما أفسد الناس، ويثبتون على الإسلام حتى يلقون الله عز وجل غير مبالين بخلاف المخالفين، ولا نواء المناوئين، ولا خذلان المخذلين، والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.