أذكر -أيها الإخوة- قصة لشاب معاصر من الدعاة إلى الله عز وجل قضى عمره في الدعوة، وكان معتمراً في أحد السنين فأصابه مرض ذهب على إثره إلى المستشفى، ثم جاءت اللحظات الأخيرة من حياته، فيحدثني بعض من كانوا قريبين منه: أنه في أحد الليالي طلب المصحف فأخذه، ثم تلا منه ما تيسر، ثم وضعه على صدره وأغمض عينيه ثم قضى وقد كنت ممن صلى عليه في تلك الليلة، فرحمة الله عليه، كيف كتب الله له بخاتمة خير إن شاء الله.
شاب آخر، ذو سمعة حسنة، وكان في الحي معروف بصلاحه واستقامته، فغضب زملاؤه منه، وحاولوا جره إلى المخدرات ففشلوا، فجاءوا يوماً من الأيام، وكان يشرب شيئاً من الشاي، فوضعوا في الشاي مخدراً دون أن يعلم، وبعد ذلك أصبح مدمناً للمخدرات، ثم مُسك في قضية المخدرات وسجن فيها فترة، وبعد ذلك خرج، فحاول أهله أن يقنعوه بالإقلاع عن المخدرات وما زالوا به حتى أقنعوه، وأقنعوه أنه سوف يتزوج، فأعلن توبته إلى الله عز وجل، وترك قرناءه السيئين، وأتلف ما عنده من المخدرات وأقبل على الصلاة، وبدأ يستعد ليوم الزواج، وكان زواجه في يوم السبت، ولما كان في ليلة الخميس، نام وكانت تلك الليلة هي ليلته الأخيرة، فقد قبضه الله تبارك وتعالى.
أيها الإخوة أيها الشباب!! ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حيِّ ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيءِّ ما هي المشاهد التي ينتظرها الإنسان في موقف القيامة: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لو تعلمون ما أعلم؛ لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل} وكما في الحديث القدسي: {أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال أبو هريرة: [[اقرءوا إن شئتم قوله تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]] ] } .