حقيقة الحياة الدنيا

أخي الكريم أخي الحبيب!! هل تذكر أن هذه الدنيا مهما طالت فهي قصيرة، وأن لنا ولك موعداً لن نخلفه أبداً؟ ألم يخطر في بالك يوماً من الأيام، أن تذهب في زيارة قصيرة إلى تلك الدور التي هي في ازدياد؟: أتيت القبور فناديتها فأين المعظم والمحتقر؟ وأين المذل بسلطانه وأين العظيم إذا ما فتخر؟ تنادوا جميعاً فلا مخبرٍ وماتوا جميعاً وأضحوا عبر ألم تروا القبور؟ {زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة} كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم.

قف بالمقابر وانظر وتأمل، كم من الأجيال والقرون الغابرة، دفنت وأفنيت وانتهت، وأنت على الأثر؟! كنت أقول لبعض الشباب يوماً من الأيام وأنا أعظهم -وكانوا تقريباً أربعين- أيها الإخوة! تذكروا أنتم الآن أربعون، والزملاء الذين بجواركم في الفصل الآخر والرابع والخامس، فلو نظرنا إلى هذه الأعداد الكبيرة، هل ترون أنه لم يكتب أن يموت منا في هذه السنة أحد؟ فسبحان الله! كان من بين الطلاب الذين أحدثهم، شاب ما مر عليه نحو أسبوع، إلا وذهب يسبح مع بعض زملائه، وغرق ومات في تلك البركة.

فسبحان من يحيي ويفني وتخلف الدهور دهور والأنام أنام وقال آخر: وكائن ترى من دار حيٍّ قد اقفرت ودار لميت بالفناء جديد هم جيرة الأحياء أما محلهم فدانٍ وأما الملتقى فبعيد يقول مجاهد رحمه الله: [[ما من ميت يموت، إلا مُثِّل له جلساؤه]] يعني عند الموت، كأن جلساءك وأصدقاءك الذين تجلس معهم في الحياة يجلسون بين يديك، إن كانوا طيبين فطيبين، وإن كانوا سيئين فسيئين.

ولذلك يتكلم أهل العلم عن سوء الخاتمة وحسن الخاتمة، بأمور يشيب لها رأس الصالحين، وأهل الخير والقيام والصيام، فكيف بنا نحن المقصرين المسرفين على أنفسنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015