رسالة موحية

النقطة الرابعة: وهي رسالة موحية: لقد بعث إليَّ بعض الإخوة من الخليج، وكانوا قد أقاموا مؤتمراً إسلامياً في أمريكا، بعثوا إليَّ لمشاركتهم، ونظراً لبعض الظروف الخاصة، فإنني لم أتمكن من المشاركة إلا برسالة بعثت بها إليهم، ورد عليَّ مجموعة من الإخوة، وكان هذا أحد الردود التي أثلجت صدري، وأحيت مزيداً من الأمل في قلبي، فأحببت أن أشارككم، أو أشرككم في هذه الرسالة يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد:- قبل عدة ساعات سمعنا رسالتكم الهاتفية، التي بعثتم بها إلى مؤتمر الطلبة الكويتيين، فحركت في نفوس الحاضرين المعاني الكثيرة، خاصة أن الشيخ أحمد القطان قد ألقاها، وحركت في نفسي أن أكتب لكم هذه الرسالة، التي كانت تجول في ذاكرتي منذ أمد تكلم الأخ بعد ذلك عن مشاعره تجاهي، وتجاه إخواني من الدعاة، فأعتذر عن قراءتي ذلك.

يقول: وأودُّ أن أعبر لك عن جل مشاعري تجاه أمتي وديني ورسالتي، فأنا مسلم عربي من أرض الجزيرة، يجري في عروقي شيء اسمه همّ الإسلام، لا تغادر مخيلتي صباحاً ولا مساءً تلك المآسي، التي تعصر قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض، حتى صدق قول الشاعر:- أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه كم صرفتنا يد كنا نصرفها وبات يملكنا شعب ملكناه ثم إني أبعث لطلابك بتحية إعجاب وتقدير، فبلغهم إياه وقل لهم إن الأمة في انتظاركم، فأنتم أملها بعد الله تعالى، وأنتم الورثة الشرعيون لأمجاد أبي بكر، وعمر، وخالد، وسعد، أما نحن الذين قضينا السنين الطوال في علوم الطبيعة -الهندسة- فلسنا إلا مكملين لكم، ولا قيمة لنا بدونكم.

ثم إني أردت أن أبشرك كما بشرنا المصطفي صلى الله عليه وسلم، بأن المستقبل في العالم كله هو مستقبل الإسلام، وأود أن أصور لك شيئاً من هذا المستقبل، كما التزم به أنا، أستسمحكم العذر في أن أتكلم عن نفسي، وليس هذا -والله تعالى يشهد- حباً في الذكر أو المديح.

وإنما لكي يعلم علماء الأمة، أن في عامة الأمة عروقاً تنبض، تنبض بالحياة، فأنا كما أسلفت أدرس الدكتوراه في أحد التخصصات الهندسية، ومن المتفوقين في الكلية، ثم إني حريص على تلاوة القرآن يومياً، ومطالعة بعض الكتب المفيدة، في السنة والسيرة، ثم إني حريص على التصدق في سبيل الله، وأكفل من اليتامى اثنين، وأُمِّثل إحدى الجمعيات الخيرية لجمع التبرعات في مدينتي، وأحرص على أداء الصلاة في أوقاتها، وجماعة كلما أمكن، كما إنني أعتقد جازماً، أنه لا عودة للإسلام إلا على منهاج النبوة، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث {ثم تكون خلافة على منهاج النبوة} وأرى أن وعد الله لن يتخلف، إذا التزم المسلمون بتعاليم دينهم، وأقاموا أوامره واجتنبوا نواهيه.

وأعلم أن رسالتي في التعليم هي إعداد المهندسين المسلمين، الذين يحملون بين أضلعهم قلوباً تهندس للإسلام، وتعمل من أجله، ثم إنني ألمس من زملائي هنا، أكثر مما قلت عن نفسي، وتصور أن أحدنا وهو طالب الدراسات العليا في الهندسة أيضاً، يشغل وقته بدراسة الجامع الصحيح للبخاري، والعقيدة الواسطية للشيخ الإمام ابن تيمية، وآخر يصدر نشرة شهرية تطبع بالمئات، توزع في مشارق أمريكا وفي غيرها.

وذلك بمجهوده الشخصي فقط، وهو طالب دكتوراة أيضاً، ومرة أخرى أبلغ تلاميذك الذين يكبون على ركبهم في الدروس، بأن يتقنوا علمهم، وأن يتقنوا الحديث، وأن يستعدوا أن يدرسوا سواهم أو أبناءهم القرآن والتفسير والحديث، لا أقول في بريدة أو جدة، وإنما في دمشق وفي الخرطوم، وفي إسلام آباد، بل وإن شاء الله في واشنطن دي سي، وما ذلك على الله بعزيز.

وفي الختام أبلغكم أن السواد الأعظم من المبتعثين هنا، يحبون العلماء والدعاة، ويدعون لهم ولطلابهم بالتوفيق، وهم معهم، ومع علمائنا هنا ملتحمين معهم، كما يلتحم اللحم بالعظم، والله تعالى يحفظ ويرى، ويسدد الخطا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأعتذر عن كتابة اسمي، حتى لا أكون مرائياً، التوقيع: طالب مسلم.

هذه أحد البشائر، وأحد الأخبار المبهجة، التي تعيد الأمل إلى القلوب، وتؤكد قرب تحقق ما أخبر عنه الله تعالى، وأخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، من نصر هذا الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015