من أهداف العلمانيين عبر الصحافة

أيها الأحبة: إنني لا ألومكم، ولا غيركم، على أن تغضبوا حينما تقرءوا في صحف تصدر في هذه البلاد، ومثل هذا الكلام، في الوقت الذي تتكلم فيه بكثير من الحفاوة عن الفنانين، وعن رجال السياسة، وعن رجال الاقتصاد الغربيين منهم والشرقيين.

ولكنني أقول: ما الذي يمنعك أن تقوم بزيارة إلى بلد الله الحرام، وتعتمر فتكسب أجر العمرة، وتطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ويكون لك بذلك أجر كبير، ثم تُعرّج على هذا الرجل وتقف معه؟! وتعطيه من فمك مباشرة دون واسطة، ما الذي يمنعك من ذلك؟! إن من حق الأمة أن تغضب، وأن تبتئس لذلك، لكن من حقها -أيضاً- أن تسأل ماذا وراء الأكم؟ إنني أخشى أن يكون وراء ذلك تحريض على أهل الخير في هذه البلاد، ويتزامن هذا الطرح الذي نشرته جريدة الندوة، يتزامن مع طرح أمريكي غربي مكثف، عن الصحوة في هذه البلاد.

وآخر ذلك، أن إذاعة صوت أمريكا أذاعت البارحة، وهذا الشريط معي الآن، أذاعت تقريراً وتحقيقاً عن الصحوة في الجزيرة العربية، وتكلمت عن عدد من الدعاة، وأذاعت جزءاً من شريط سبق أن ألقي في هذا المكان، بعنوان: لماذا نخاف من النقد؟ سبق أن أصدر برنامج تلفزيوني لمدة ساعة ونصف هناك، وهناك صحف كثيرة تكتب، وأظن أن ذلك كله على سبيل التحريض والإثارة، ولفت الأنظار.

لقد أصبح من السهل أن يقال في الإعلام كله -ومع الأسف الشديد! إعلامنا المحلي يشارك في هذا الوزر- أصبح من السهل أن يقال عن فلان إنه أصولي، أو متشدد، أو متطرف، أو حتى إرهابي.

أيها الأحبة: لقد أصبح من السهل أن يتهم فلان بأنه ينتسب إلى الجماعة الفلانية، أو يدعو إلى تلك الجماعة، أو يتعاون معها، وأصبح من السهل أن يتهم هذا الداعية أو ذاك، بأن له اتصالات خارجية، وأن هناك أموراً أنت لا تدري عنها، لكن يعرفها الخبراء ويعرفها المختصون، ويعرفها الخبيرون ببواطن الأمور.

إنني أقول لكم والله على ما أقول شهيد، أقول: مع أننا لا نُحَارب الجماعات الإسلامية المخلصة، الملتزمة بمنهج السلف الصالح، والسنة والجماعة، البعيدة عن الانحراف، بل نعتبرها نموذجاً من النشاط الإسلامي الشرعي، الذي يؤيَّد ويُصحَّح، كما هو منهج والدنا الشيخ عبد العزيز بن باز -ولعلي أقرأ لكم فتواه بعد قليل- إلا أننا نرى أن الأفق الواسع الرحب للمسلمين جميعاً، دون أن نقيد أنفسنا بقيد هذه الجماعة أو تلك، أو نقصر أنفسنا في إطار هؤلاء أو أولئك، فكلهم ما داموا من أهل السنة، كلهم إخواننا على حد سواء، ونحن لا نحصر أنفسنا في إطار معين، ولا في انتساب خاص.

أما الاتصال بالخارج، فمع أننا لا نقر بالفواصل أصلاً، والحدود الجغرافية والسياسية بين المسلمين، بل نعتز بأي مسلم في أي مكان كان، ونعتبره أخاً لنا، وصوتنا جواب لصوته، وحديثنا رجع لحديثه، ومشاعرنا هي خفق قلبه، ونحن أيضاً ندعو إلى مساعدته، والتعاون معه على البر والتقوى، كما أمر الله عز وجل، إلا أننا نستنكر هذه التهم الملفقة المدروسة، بالانتماء إلى فئات معينة، أو الاستمداد منها، أو التنسيق معها، أو الاتصال بفئة في الداخل أو الخارج.

إنه كذب مُفترى، وإنه كلام يروج له اليوم، من أجل التشهير بالدعاة إلى الله تعالى، من أجل الحيلولة بين الدعاة وبين المجتمعات الإسلامية، لأن الناس ربما يصدقون أو يتصورون أن هناك أشياء، ومع كثرة الكلام، اكذب واكذب واكذب عسى أن يصدقك الناس، والترويج الإعلامي المتواصل الذي تؤيد الصحف فيه الإذاعة، ويؤيد التلفاز الصحف، ويؤيد هؤلاء وأولئك الفحيح الإعلامي الذي لا يتوقف، إنه ربما يهز قناعات المسلمين، أو يؤثر فيهم.

وهدف هؤلاء أن يحولوا بين المسلمين وبين دعاة الإسلام، أولاً: لئلا تتأثر الشعوب الإسلامية بالدعاة، ولا تتقبل منهم شيئاً، ثانيا: ليسهل القضاء على الدعوة والدعاة في غفلة الأمة وغيبتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015