فواجب علينا أن نتوب من جميع الذنوب، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31] فرض على الناس أن يتوبوا لكن ترك الذنوب أوجب والدهر في صرفه عجيب وغفلة الناس عنه أعجب والصبر في النائبات صعب لكن فوات الثواب أصعب وكل ما ترتجي قريب والموت من كل ذاك أقرب وكان الأمام أحمد رحمه الله تعالى كثيراً ما يردد:- إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب لهونا عن الأيام حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب أيها الأحبة: توبوا إلى الله توبة نصوحاً واستغفروه، توبوا إلى الله توبة نصوحا، اصدقوا الله، أقبلوا على الله تعالى من كل قلوبكم، واذرفوا دموع الندم، وعودوا إلى الله تعالى عوداً حميداً.
ويجب أن يكون هناك مواطئة بين القلب واللسان، فيكون باللسان استغفار، وبالقلب ندم صادق، وعودة إلى الله تعالى، وفي الجوارح تخلص من كل الذنوب والمعاصي، وإقبال على الطاعات، وفعل لما يرضي الله عز وجل.
ولنكن على يقين مثل الشمس، أننا متى صدقنا الله تعالى، وأقبلنا عليه، وتخلينا عن ذنوبنا ومعاصينا، وتبنا توبة نصوحاً، أن الله تعالى سيسُدد نقصنا، ويغفر ذنبنا، ويعيننا على ما نعاني من أمر الدنيا والدين، وإن كل ما نجده من نقص في العلم، أو في السلاح، أو في المال، أو في القوة، أو في العدد.
فإن الله تعالى سريع بكل خير إلينا، متى صدقنا الله تعالى، ومتى توجهنا إليه، وتخلينا عن كل ما يخالف أمر الله عز وجل، واعترفنا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فهو وحده القادر على كل شيء، له الأمر والنهي، وله الحول والقوة.
فلا تحول للعبد من حال إلى حال إلا بإذنه، ولا قوة للعبد على فعل ما يرضى الله تعالى وترك ما يسخطه، إلا بقوته جل وعلا، فمتى نصدق الله تعالى؟! ومتى نخلص له؟! ومتى نتوب إليه؟! ومتى نتبرأ من ذنوبنا؟! ومتى نتخلص من معاصينا؟! بل متى ندرك أن ما أصابنا لا ينزع ولا يرفع إلا بأن نصحح أعمالنا، ولا يتغير ما بنا إلا أن نغير أنفسنا؟! قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد:11] يجب ألا نحتقر ذنباً مهما صغر، ولا نتهاون به مهما قل، فإن الذنوب الصغيرة تجتمع على الرجل حتى تهلكه، وتورده الموارد.
ويجب أن نعلم أن الذنوب هي المخالفات كلها، صغيرها وكبيرها، سواء كانت ذنوب أفراد، أو ذنوب أسر، أو ذنوب دول، أو ذنوب جماعات، أو ذنوب مؤسسات، فهذه كلها الذنوب يجب على فاعلها أن يتوب.