خطر الدوام على المعصية

أخي الكريم أخي الحبيب!! إنك إذا داومت على فعل المعصية، بعد حين لا تستقبحها وتصبح عادة؛ بل وتستحسنها، فتكون ممن قال الله تعالى فيهم: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [فاطر:8] وإن ذلك سبب في هوانك وسقوطك من عين الله عز وجل، وأخيراً فربما كان سبباً في أن يطبع على قلبك، قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] فإذا طبع على الإنسان كان من الغافلين، فأصبح لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، حتى ربما ارتكب أبشع وأفضع الجرائم، وهو يضحك ولا يبالي، حتى كأنه حيوان أو بهيمة، حتى أنني قرأت في بعض الكتب قصة في غاية العجب، وهي تمزق القلب تمزيقاً، ولا يكاد الإنسان يصدق بها، لولا أننا في عصر العجائب.

ذكر مؤلف ذلك الكتاب، أن فتاة في العشرين من عمرها، ذهبت إلى إحدى المستشفيات، وكانت حاملاً لتضع مولوداً، وفعلاً وضعت مولوداً، كان بأتم صحته وأتم حاله، وليس فيه ما يعيب، لكن هذه الفتاة كان يسيطر عليها خوف شديد، وارتباك ظاهر، وكانت مسودة الوجه، كثيرة البكاء، فلما أرادوا منها أن تخرج، وطلبوا أن تبعث إلى وليها ليحضر، ارتبكت وبكت بكاءً مراً، واستمرت حتى كاد يغمى عليها من شدة البكاء، فانفردوا بها في غرفة، وسألوها عن الأمر.

وبعد جهد جهيد، قالت لهم بصوت متقطع" إن والد هذا الطفل هو أبوها نفسه، أي أن الوقاحة بلغت به لشدة جراءته على الله وعلى معاصيه، أنه كان يتعاطى المخدرات، ثم يقع على من بحضرته، سواءً كان أجنبياً، أم ذات محرم أم غير ذلك، وربما جاءها وهي نائمة، فارتكب معها هذه المعصية، ولو أخبرنا أن هذا الأمر وقع في الأمم السابقة من بني إسرائيل، للمَّ الواحد رأسه وقال: إننا لله وإنا إليه راجعون، ولو أخبرنا أن هذا وقع في بلاد الكفر والإباحية؛ لاستعظمنا ذلك، فكيف وصل الحال أن يحدث مثل هذا من قوم ربما نطقوا بالشهادتين بأفواههم، وربما سمعوا آيات الله عز وجل تتلى، ثم انسلخت قلوبهم ومسخت إلى هذا الحد، وأصبح الواحد منهم لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.

يا أخي الحبيب! لا تستعظم مثل ذلك، وتقول: كل ذلك بعيد عني.

لا، ربما كانت بداية هذا الوحش الكاسر ربما كانت بدايته شربة من خمر، وربما كانت بدايته نظرة من حرام، وربما كانت بدايته أغنية سمعها، وربما كانت بدايته تمثيلية شاهدها جرته شيئاً فشيئاً، حتى وصل إلى الحضيض، إلى القرار، إلى الوادي السحيق الذي لا مخرج منه إلا إن يشاء الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015