المبشرات في أرض الصومال

ثم إن من المبشرات أن السفير الأمريكي في كينيا حذَّر قومه من هذا العمل ومغبته، وقال: إن هذا تورط، وانتقد التسرع الذي فعلوه، وقال: إنكم قد دخلتم في عش الزنابير، وإذا كنتم أحببتم بيروت فسوف تعشقون مقديشو، يذكرهم بما جرى لقوات المارينز في بيروت، حينما فُجِّرَ مقهى وقتل أكثر من مائتين وستين جندي، ويقول لهم: ما جرى في بيروت سوف يجرى لكم أكثر منه في مناطق الصومال.

وهناك جماعات إسلامية مثل الاتحاد الإسلامي، وكذلك هناك جمهورية الصومال، التي استقلت وأعلنت استقلالها حديثاً، وغيرها من الأطراف قد أعلنت رفضها للتدخل الغربي، وأنها سوف تواجههم.

ونحن نسأل الله تعالى أن يصدق ظن هذا السفير في إخواننا المسلمين في الصومال، وأن لا تمر هذه المؤامرة الكبيرة على المسلمين بسلام، فإن أعداء الإسلام قد جربوا منا الذل والصغار، ورأوا أن جميع أمم الأرض تدافع عن نفسها، وتدافع من منطلقات وطنية، ومن منطلقات عرقية، ومن منطلقات قومية أو قبلية أحياناً، كما حصل في فيتنام وفي غيرها.

أما المسلمون فقد جرب العدو معهم أنهم مستسلمون، وأنهم لا يدافعون عن أنفسهم، لا نتيجة غيرة دينية، ولا نتيجة نخوة وطنية، فنسأل الله تعالى أن يرينا في هؤلاء الظالمين عجائب قدرته، ونسأل الله أن يسلط عليهم من جنده، إنه على كل شئ قدير.

ومن المبشرات أيضاً: ذلك الحشد العالمي والعربي، الذي سعت الأمم المتحدة إلى أن يساهم في القضية، ولو بصورة شكلية رمزية، فإن القوى الدولية والعربية التي شاركت هي قوى رمزية، لمجرد إشعار المسلمين أن العملية ليست احتلالاً أمريكياً للصومال، وإنما هي قضية دولية تشترك فيها دول كثيرة، وأن الذي يواجهها يواجه العالم بأكمله.

وهذا يؤكد أنهم يخافون اليوم من انفجار المسلمين، ومن وقوف المسلمين ضد هذه الأعمال التي تستهدف استقلالهم، وتستهدف إيمانهم، وتستهدف قوتهم، وتستهدف تحكيمهم بشريعة الله عز وجل.

وإن من الأشياء التي نعتبرها من المبشرات أيضاً العودة إلى الاستعمار المكشوف اليوم، والوصاية المباشرة، فإن ذلك وهو يقع فعلاً في أكثر من مكان، يوحي بأن الغرب أدرك فشل الخطط السابقة التي تعتمد على وجود وكلاء وأوصياء، يقومون بالمهمة عنه.

فالغرب اليوم لم يعد يثق بحلفائه الأصليين وهذه -أعني التدخل الغربي المباشر في مناطق الإسلام فقط، دون غيرها من المناطق العالمية- هي أحد الأسباب التي نظن بإذن الله تعالى، أنها سوف تؤجج مشاعر المسلمين، وتحرك فيهم روح العداء للغربي الكافر، وتجعلهم يدركون أنه لا ثقة بأعداء الله تعالى، مهما أرضونا بمعسول القول، ومهما خدعونا بعبارات الإنسانية، ومهما ادعوا أنهم علمانيون، وأنهم ديمقراطيون، وأنهم لا يتحركون لدين، إلا أن الواقع أنه لا ثقة بأعداء الله تعالى، طال الزمن أم قصر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015