أخي الكريم! لعل أكثر ما يزعج الشباب ويقلقهم، ويدعوهم إلى الوقوع في بعض المعاصي: قضية الشهوة، الشهوة التي تدعو إلى النظر، النظر في الوجوه، سواء في وجوه المردان أو وجوه النساء، أو الصور في المجلات أو في الأفلام أو المسلسلات أو غيرها، وهذا مدعاة إلى العشق؛ حيث يتعلق القلب بهذه الصور حتى تصبح هذا الصور كل همه وغاية قصده، فيشتغل بذلك عن الله عز وجل، وبذلك يكون الإنسان قد مشى إلى الشرك بالله تعالى قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:165] كحب الله، حتى يقول أحدهم عن معشوقته: لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي فاعتبر عبوديته لهذه المرأة هي أشرف الأسماء التي يدعى بها، وقال آخر يخاطب امرأةً أو شاباً أحبه: وصلك أشهى إلى فؤادي من رحمة الخالق الجليل انظر والعياذ بالله كيف استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، إن هذا الإنسان الذي قال هذا البيت، أتدرون أين هو الآن؟ إنه في قبره، قد وسد وتحول جسده إلى تراب، وبلي ولعبت به الديدان، حتى لو رآه أحد، بل لا يراه أحد؛ لأنه أصبح كومة من تراب، وأصبح مرتهناً بعمله، لكن لازالت الأجيال تحفظ هذا الكفر البواح الصراح: وصلك أشهى إلى فؤادي من رحمة الخالق الجليل ولو لم يكن من مضار العشق والتعلق بالصور، والانصياع إليها والاشتغال بها، وامتلاء القلوب بحبها، إلا أنها تحول بينك وبين الله عز وجل، لكفى بهذا عيباً وداءً؛ ولذلك يعذب الله تعالى الإنسان بهذا المحبوب الذي أحبه، كما قيل: من أحب غير الله عُذِّب به، كم من إنسان أحب إنساناً وتعلق به، فكان سبباً في شقائه في الدنيا والآخرة، تركه وأعرض عنه في الدنيا، فعاش حياته كسيفاً حسيراً كسيراً؛ لأن محبوبه قد تركه وأبغضه، أو حتى مات، وفي الآخرة مرتهن بما عمل، حيث ملأ قلبه بغير حب الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:165] هذا حب العبادة، شرك المحبة في القلب.
ألم تر إلى المرض والسقم في وجوه من ابتلوا بمثل هذا الداء الدوي، حتى إذا رأيت وجوههم وجدت عليها صفرة، ووجدت عليها كدر، ووجدت فيها ظلاماً كظلام الليل والعياذ بالله كأنها ما أشرقت بلا إله إلا الله، وما ذاقت طعم القرآن وكأنها ما خشعت لله عز وجل، وكأنها ما بكت من خشيته، وكأنها ما عفَّرت جباهها في التراب، ذلاً بين يدي الله تعالى، فضربهم الله تعالى بظلم في وجوههم: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً} [يونس:27] وهذا الظلام في الدنيا هو آية الظلام في الآخرة، كما قال عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس:38-40] {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس:27] .
هذا فضلاً عن السقم في البدن، فإن العشق يؤدي بالإنسان إلى المرض، بل ربما آل به إلى الموت، وكثير منهم يموتون بسبب هذا المرض الذي ابتلوا به، وهم لاشك ماتوا في غير سبيل الله، وقد كتب جماعة من العلماء في مصارع العشاق.