السنة تأتي موافقة للقرآن

أما الوظيفة الأولى: فهي أن السنة تأتي أحياناً مؤكدةً لمعنى جاء في القرآن الكريم، ومقررةً له، وموافقةً لمعناه، وهذا لا إشكال فيه، وأمثلته كثيرة، ولعل من أمثلته: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: {بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا إله الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان} فهذا الحديث موافق لما في القرآن الكريم، فإن الله تعالى يقول: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19] ويقول: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح:29] فهذا تضمن الشهادتين.

وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة جاء فيها قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43] .

والصوم جاء فيه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:183] .

والحج جاء فيه قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] .

فلم يأت هذا الحديث بشيء غير ما جاء في القرآن الكريم، من جعل هذه الأشياء أركاناً يقوم عليها بنيان الإسلام، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور، لما سأله عن الإيمان قال: {أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر} والحديث متفق عليه.

فهذا أيضاً جاء في القرآن الكريم كما في قول الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً} [النساء:136] .

وكما في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء:136] إلى غير ذلك من الآيات، والقدر كما في قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر} [القمر:49] إذاً هذا الحديث معناه موجودٌ في القرآن.

أيضاً الحديث المتفق عليه {عن أبي هريرة في قصة الرجل الذي قال: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، وقال في الرابعة: أبوك} فهذا جاء معناه في القرآن الكريم، كما في قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] فهذا القسم الأول من السنة، أو الوظيفة الأولى للسنة مع القرآن الكريم؛ أنها تأتي موافقةً ومقررةً لمعنى جاء في القرآن الكريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015