وبمناسبة هذا الحديث فإنني أرى أن الحديث عن الفساد الخلقي بالذات، والشذوذ والانحراف والمبالغة في تضخيم ذلك ونشره، أخطر من الحديث عن أي لون آخر من ألوان الفساد، وذلك لأسباب: السبب الأول: منها أن الميل إلى الإشباع الغريزي فطرة مركوزة في قلب كل إنسان ذكراً كان أو أنثى، فالحديث عن الفساد في هذا الإطار يحرك منطقة في النفس لصورة قد لا أستطيع أن أصفها لكم الآن، ولكن يمكن أن يدركها كل واحد منكم إذا حاول أن يراقب نفسه وهو يسمع الحديث عن ألوان الفساد، وخاصة -كما قلت- الفساد الخلقي.
السبب الثاني: أن الأصل في هذه القاذورات التي يتلبس بها بعض الناس هو الستر وعدم الفضيحة، وبقاء المتلبسين بها متوارين عن أعين الناس بعيدين عن ذلك؛ فنشرها وفضحها قد يدخل في إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، فلا يحسن كثرة الحديث عنها.
السبب الثالث: هو أن الحديث في هذه المفاسد ومواطنها قد يصادف قلباً مريضاً أو نفساً منحرفة، فتتحرك إلى مواطن هذه الرذيلة وتقع فيها بقصد أو بغير قصد.